والجواب : أن تعلقها بالبدن شوقي (١) طبيعي بمقتضى المناسبة لا إرادي ليتوقف على تصور البدن بعينه.
الرابع (٢) : فإنها عند قصد استعمال الآلات للإدراكات والتحريكات تتصورها بأعيانها من غير توسط آلة.
والجواب : أنها تتصورها من حيث هي آلات لهذه النفوس ، حاصلة في هذا البدن المحسوس ، فيحصل التخصيص بهذه الإضافة. ولا يلزم إدراكها من حيث كونها جزئيات في ذواتها ، كما إذا حاولنا سلوك طريق نعرفه بصفاته بحيث يتعين في الخارج ، وإن لم يكن (٣) نشاهده بعينه ، ويجوز أن تدركها بعينها على سبيل التخيل ، فإن التخيلات ، لا يجب أن تتأدى من طرق الحواس البتة ، بقي هنا إشكال : وهو أنه إذا كان المدرك للجزئيات هو النفس ، لكن بحصول الصورة في الآلة ، فإما أن تكون الصورة حاصلة في النفس أيضا على ما يشعر به قولهم ليس الإدراك بحصول الصورة في الآلة فقط ، بل بحصولها في النفس ، لحصولها في الآلة ، وبالحضور عند المدرك للحضور عند الحس ، من غير أن يكون هناك حضور مرتين ، وحينئذ يعود المحذور. أعني ارتسام صورة الجزئي ، والمحسوس في المجرد ، وإما ألا تكون الصورة حاصلة في النفس ، بل في الآلة فقط على ما هو الظاهر من كلامهم ، وليست الآلة إلا جزءا من جسم تدبره (٤) النفس. فلا بد من تحقيق. أن أي حالة تحصل للنفس نسميها إدراكا ، وحضورا للشيء عند النفس ، ولا يحصل بمجرد تحقق ذلك الشيء في نفسه ، وحصول صورته في مادته ، وإنها إن كانت إضافة مخصوصة ، فلم لا يكفي ذلك في إدراك
__________________
(١) في (ب) شيء بدلا من (شوقي)
(٢) سقط من (أ) لفظ (الرابع).
(٣) سقط من (أ) لفظ (يكن).
(٤) التدبير في الأمر : أن تنظر الى ما يؤول إليه عاقبته ، والتدبير التفكر فيه.
والتدبير : عتق العبد عن دبر وهو أن يعتق بعد موت صاحبه فهو مدبر.
قال الأصمعي : دبرت الحديث إذا حدثت به عن غيرك ، وهو يدبر حديث فلان أي يرويه.
وتدابر القوم : أي تقاطعوا وفي الحديث (لا تدابروا) والدبر الظهر قال الله تعالى : (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) والدبر بالكسر : المال الكثير ، واحده وجمعه سواء ، والدبر : جماعة النحل. قال الأصمعي لا واحد لها ويجمع على دبور.