تناهي أجزائها ، لأن نسبة الحجم إلى الحجم نسبة الأجزاء إلى الأجزاء ، لأنه بحسبها ، والتداخل محال كما أن الطفرة خيال].
احتج القائلون بالجزء على أن أجزاء الجسم متناهية نفيا لقول النظام لوجوه :
الأول : أنها محصورة بين حاصرين ، فكل ما هو كذلك عددا كان أو مقدارا فهو متناه بالضرورة.
الثاني : أن لا تناهي الأجزاء يستلزم امتناع وصول المتحرك إلى غاية ما في المسافة لتوقفه على قطع نصفها ، ونصف نصفها ، وهلم جرا إلى ما لا يتناهى ، وذلك لا يتصور فيما يتناهى من الزمان ، وقد يعبر عن هذا الوجه بأنه يلزم امتناع قطع المسافة المعينة في زمان متناه ، وتقرر بأن عدم تناهي أجزاء المسافة يستلزم عدم تناهي أجزاء الحركة المنطبقة عليها وهو يستلزم عدم تناهي أجزاء الزمان المنطبق على الحركة.
الثالث : أنه يستلزم امتناع لحوق السريع بالبطيء إذ ابتداء الحركة بعده لأنه إذا قطع جزءا فالبطيء أيضا قطع جزءا إذ لا أقل منه ضرورة ، ولا تخلل للسكنات بشهادة الحس والبرهان (١) ، وإنما اعتبر البطيء دون الواقف مع أنه كذلك لأنه
__________________
(١) البرهان هو الحجة الفاصلة البينة يقال : برهن يبرهن برهنة إذا جاء بحجة قاطعة لرد الخصم ، وبرهن بمعنى بين ، وبرهن عليه أقام الحجة وفي الحديث «الصدق برهان».
والبرهان عند الفلاسفة : هو القياس المؤلف من اليقينيات سواء كانت ابتداء وهي الضروريات أو بواسطة وهي النظريات (تعريفات الجرجاني) وقال ابن سينا : البرهان قياس مؤلف من يقينيات لانتاج يقيني (النجاه ص ١٠٣) والحد الأوسط في هذا القياس لا بد من أن يكون علة نسبة الأكبر إلى الأصغر فإذا أعطاك علة اجتماع طرفي النتيجة في الذهن فقد سمى برهان الآن ، وإذا أعطاك علة اجتماع طرفي النتيجة في الذهن والوجود معا سمى برهان اللم.
قال ابن سينا : البرهان المطلق هو برهان اللم وبرهان الإنّ اما برهان اللم فهو الذي ليس إنما يعطيك علة اجتماع طرفي النتيجة عند الذهن والتصديق بها فقط حتى تكون فائدته أن القول لم يجب التصديق به بل يعطيك أيضا مع ذلك علة اجتماع طرفي النتيجة في الوجود.
راجع النجاة ص ١٠٣ واما برهان الإنّ فهو الذي يعطيك علة اجتماع طرفي النتيجة عند الذهن والتصديق بها لا غير (النجاة ص ١٠٤)