المعاصي واللذات ، وإنساء منافع الطاعات ، وما أشبه ذلك على ما قال الله تعالى حكاية عن الشيطان.
(وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ، فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) (١).
قيل : تركيب الأنواع الثلاثة من امتزاج العناصر الأربعة ، إلا أن الغالب على الشياطين عنصر النار ، وعلى الآخرين عنصر الهواء. وذلك أن امتزاج العناصر قد لا يكون على القرب من الاعتدال ، بل على قدر صالح من غلبة أحدها. فإن كانت الغلبة للأرضية ، يكون الممتزج مائلا إلى عنصر الأرض ، وإن كانت للمائية ، فإلى الماء ، أو للهوائية فإلى الهواء ، أو للنارية فإلى النار ، لا يبرح ولا يفارق إلا بالأحياز (٢) ، أو بأن يكون حيوانا فيفارق بالاختيار ، وليس لهذه الغلبة حد معين ، بل تختلف إلى مراتب ، بحسب أنواع الممتزجات التي تسكن هذا العنصر ، ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والشفيف ، كانت الملائكة والجن والشياطين ، بحيث يدخلون المنافذ والمضايق حتى (٣) أجواف الإنسان ، ولا يرون بحس البصر ، إلا إذا اكتسوا من الممتزجات الأخر التي يغلب عليها الأرضية والمائية جلابيب وغواشي ، فيرون في أبدان كأبدان الناس أو غيره من الحيوانات ، والملائكة كثيرا ما تعاون الإنسان على أعمال يعجز هو عنها بقوته كالغلبة على الأعداء (٤) ، والطيران في الهواء ، والمشي على الماء ، وتحفظه خصوصا المضطر عن كثير من الآفات ، وأما الجن والشياطين فيخالطون بعض الأناسي ، ويعاونونهم على السحر (٥) والطلسمات والنيرنجات وما يشاكل ذلك.
__________________
(١) سورة إبراهيم آية رقم ٢٢.
(٢) في (ب) بالاجبار بدلا من (بالأحياز).
(٣) في (أ) في بدلا من (حتى).
(٤) قال تعالى : (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ، بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) سورة آل عمران آية ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٥) قال تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا ـ