وحاصل الجواب منع الملازمات. أما على القول باستناد الممكنات إلى القادر المختار فظاهر لجواز أن تخلق رؤيتهم في بعض الأبصار والأحوال دون البعض ، وأن يحفظ بالقدرة والإرادة تركيبهم ، وتبديل أشكالهم ، وأما على القول بالإيجاب ، فلجواز أن يكون فيهم من العنصر الكثيف ما يحصل معه الرؤية لبعض الأبصار دون البعض ، وفي بعض الأحوال دون البعض ، أو يظهروا أحيانا في أجسام كثيفة هي بمنزلة الغشاء والجلباب لهم فيبصروا أو أن تكون نفوسهم ، أو أمزجتهم أو صورهم النوعية بحيث تقتضي (١) حفظ تركيبهم عن الانحلال ، وتبدل أشكالهم بحسب اختلاف الأوضاع (٢) والأحوال ، أو يكون فيهم من الفطنة والذكاء ما يعرفون به جهات هبوب الرياح ، وسائر أسباب انحلال التركيب ، فيحترزون عنها ، ويأوون إلى أماكن لا يلحقهم ضرر.
وأما الجواب بأنه يجوز أن تكون لطافتهم بمعنى الشفافية دون رقة القوام ، فلا يلائم ما يحكى عنهم من النفوذ في المنافذ الضيقة ، والظهور في ساعة واحدة في صور مختلفة بالصغر والكبر ونحو ذلك.
[قال (خاتمة) :
من الناس من زعم أن بين عالمي الحس والعقل واسطة تسمى عالم المثال لا تحصى مدته ، فيه لكل موجود من المجردات والماديات حتى الألوان والأشكال والطعوم والروائح ، والأوضاع والحركات والسكنات وغير ذلك مثال قائم بذاته ، مستغن عن المادة والزمان والمكان ، ولهذا يسمى بالمثل المعلقة ، والأشباح المجردة ، وعليه بنوا أمر المعاد الجسماني والمنامات ، وكثيرا من الإدراكات وخوارق العادات والجن والشياطين والغيلان ونحو ذلك.
واحتجوا بأن ما يشاهد من الصور في المرايا ونحوها ، ليست عدما صرفا ، ولا
__________________
(١) في (ب) بزيادة (بحيث).
(٢) في (ب) بزيادة (اختلاف).