انفصال وتميز في الخارج ، بل بالفرض العقلي ، ولهذا قال في الشفاء ، ومن الذي بالفرض اختصاص العرض ببعض دون بعض ، حتى إذا زال ذلك العرض زال ذلك الاختصاص ، مثل جسم تبيض لا كله فبفرض له بالبياض جزء ، إذا زال ذلك البياض زال افتراضه ، فما ذكر في شرح (١) الإشارات من أن الانفصال بحسب اختلاف العرضين انفصال في الخارج من غير تأد إلى الافتراق يحمل على أنه لأمر في الخارج ، وما ذكر في منطق الشفاء من أنه انفصال بالفعل يحمل على فعل الأذهان دون الأعيان
[قال (ثم احتج المشّاءون)
منهم على ثبوت الهيولي بأنه لما لم يكن اتصال الجسم باجتماع الأجزاء ، وانفصاله بافتراقها ، بل كان في ذاته متصلا للانفصال ، فله امتداد جوهري يتبدل عليه الامتدادات العرضية ، كما في الشمعة ، وهو المسمى بالصورة ، ويمتنع أن يكون هو القابل للانفصال ، لأنه لا يبقى معه ، بل لا بد معه من قابل للاتصال ، والانفصال يبقى معها ويتبدل عليه الهويات الاتصالية المختلفة بالشخص ، وهو المسمى بالهيولى ، وتحقيقه أن أول ما يدرك من جوهرية الجسم هوية امتدادية ، لا تنتفى بتبدل المقادير ، ولا تعقل الجسم دونها ، يسمونه اتصالا بل متصلا بمعنى الجوهر الذي من شأنه الاتصال بمعنى كونه بحيث يفرض (٢) فيه الأبعاد ، ولا خفاء في أنها بعينها لا تبقى مع الانفصال بل تزول إلى هويتين اتصاليتين مع بقاء أمر في الحالين هو القابل بالذات للاتصال والانفصال للفرق الضروري ، بين أن ينعدم جسم بالكلية ، ويحدث جسمان ، أو بالعكس ، وبين أن ينفصل إلى جسمين أو
__________________
(١) الاشارات والتنبيهات في المنطق والحكمة للشيخ الرئيس أبي علي الحسين بن عبد الله الشهير بابن سينا المتوفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. أورد المنطق في عشرة مناهج والحكمة في عشرة أنماط الأول في الأجسام والعاشر في أسرار الآيات شرحه الامام فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفي سنة ست وستمائة أوله أما بعد الحمد لمن يستحق الحمد لذاته وهو شرح طعن فيه بنقض أو معارضة وبالغ في الرد على صاحبه ، ولذلك سمى بعض الظرفاء شرحه جرحا. «راجع كشف الظنون ج ١ ص ٩٤».
(٢) في (ب) يعرض بدلا من (يفرض)