بالعكس ، كماء الجرة يجعل في الكيزان وعكسه ، ولا يمتنع توارد المتقابلين عليه ، لكونه في نفسه استعدادا محضا يصير واحدا بوحدة الصورة ، ومتعددا بتعددها ، مع بقائها في الحالين ، وعلى هذا يندفع إشكالات :
الأول : أن كون الاتصال جوهرا وجزءا من الجسم ضروري البطلان ، بل الاتصال والانفصال عرضيان يتعاقبان على الجسم ، وبالتحقيق عبارتان عن وحدته وكثرته.
الثاني : أن لا معنى للانفصال إلا انعدام هوية اتصالية إلى هويتين ، فلا حاجة إلى قابل باق.
الثالث : لو افتقر الانفصال إلى مادة لتسلسلت المواد.
الرابع : إن الزائل عند الانفصال إن كان هو الاتصال الجوهري الذاتي فقد انعدم الجسم ، فلم يكن قابلا ، أو العرضي فلم يفد المطلوب.
الخامس : أن الجسم إذا انفصل إلى جسمين ، فإن كانت مادة هذا مادة ذاك كان الواحد بالتشخص موجودا في حيزين موصوفا بجسميتين ، وإن كانت غيريا (١) فعند الاتصال إن كانتا موجودتين لم يكن الجسم متصلا بالذات ، بل من أجزاء بالفعل ، وإلا كان الانفصال إعداما للجسم بالكلية لا بمجرد الصورة الاتصالية].
لما بطل كون الجسم متألفا من أجزاء لا تتجزأ أصلا ، أو تتجزأ وهما لا فعلا ، متناهية أو غير متناهية ، يكون اتصاله باجتماعها ، وانفصاله بافتراقها ، ثبت أنه متصل في نفسه كما هو عند الحس ، قابل للانفصال نظرا إلى ذاته على ما مر ، فله امتداد جوهري ، تتبدل عليه المقادير المختلفة. أعني الجسم التعليمي الذي هو من قبيل الكميات ، كالشمعة التي تجعل تارة مدورا وتارة مكعبا ، وتارة صفحة رقيقة إلى غير ذلك. وزعموا أن حقيقة الجسم لا تعقل بدون تعقله ، بل تدرك في بادئ النظر من الجسم غيره ، أعني الجوهر الذي له الامتدادات العرضية الآخذة
__________________
(١) في (ب) غيره بدلا من (غيريا)