منه إلا ما يقابل الانفصال وهما عرضان يتعاقبان على الجسم ، إذا تحققتهما كانا عائدين إلى وحدته وكثرته.
وجوابه : أنا لا نعني بالاتصال هذا المعنى بل الجوهر الذي شأنه الاتصال وامتداد العرضي وكونه ظاهر الآنية للجسم موقوفا تعقل حقيقة الجسم على تعقله مما لم يشك فيه عاقل ، ولم ينكره أحد إلا ما نسب إلى البعض من كون الجسم محض الأعراض ، على أنه أيضا قائل بأنها عند الاجتماع تصير جوهرا قائما بنفسه ، وإنما النزاع في كونه واحدا في نفس الأمر لا متحصلا من اجتماع الأجزاء ، وفي كونه جزءا من الجسم لإتمام حقيقته ، فهذا هو الذي يثبت بالبرهان. لا يقال : فما ذكره لا يفيد كونه جزءا لجواز أن تكون تلك الهوية الاتصالية الجوهرية التي يجعلونها صورة حالة في مادة نفس الجسم من غير حلول في جزء آخر ، ويكون قبول الانفصال بأن ينعدم ، ويحدث هويتان اتصاليتان أخريان. كيف وقد جعلتموها جوهرا قابلا للأبعاد ومتميزة بالذات ، فيكون قيامها بنفسها لا بغيرها. لأنا نقول ضرورة التفرقة بين انعدام جسم بالكلية ، وحدوث جسمين ، وبين زوال الهوية الاتصالية إلى هويتين ، [هي التي شهدت بوجود جزء آخر باق في الحالين ، ثم إنهم لم يجعلوا الصورة قائمة به لتنافي جوهريتها] (١) ، بل حالة فيه ، وقد سبق أن الحال في الشيء أعم من القائم به ، لكن الشأن في لزوم كون ذلك الأمر الباقي محلا للجوهر الذي سموه الصورة الجسمية ، وعبروا عنها بالهوية الاتصالية ، وفي تصور حلول الجوهر في الشيء مع امتناع قيامه به.
فإن قيل : نسبة المقبول إلى القابل اختصاص الناعت ، وهو معنى الحلول.
قلنا : الكلام في كون الهوية الاتصالية بمعنى الجوهر ، الذي شأنه الاتصال مقبولا وإنما يظهر ذلك في الاتصال العرضي المقابل للانفصال.
الثاني : إن الانفصال إنما يفتقر إلى محل باق لو كان وجوديا وهو ممنوع ، بل هو عبارة عن انعدام الاتصال وزواله (٢).
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من (ب)
(٢) سقط من (ب) لفظ (وزواله)