والجواب : أنه ليس عدم الاتصال مطلقا ، بل عما من شأنه الاتصال وهو المعنى بالقابل الباقي بل هو عدم اتصال إلى اتصالين ، أي زوال هوية اتصالية ، وحدوث هويتين اتصاليتين ، فلا بد من أمر قابل للاتصال تارة. وللاتصالين أخرى.
الثالث : لو كان قبول الانفصال محوجا إلى المادة لاحتاجت المادة إلى مادة أخرى لا إلى نهاية ضرورة قبولها الانفصال.
وجوابه : إن المحوج هو قبول الانفصال فيما يكون متصلا بذاته ، كالصورة والجسم وليست الهيولي كذلك ، وتحقيقه أن ما يكون متصلا في ذاته ينعدم عند ورود الانفصال ، فيفتقر إلى أمر لا يكون متصلا في ذاته وإلا منفصلا ، بل يتوارد عليه الاتصال والانفصال وهو هو بعينه في الحالين يصير واحدا متصلا بعروض الوحدة والاتصال ومتعددا منفصلا بعروض الكثرة (١) والانفصال من غير افتقار إلى أمر آخر.
الرابع : إن كون الاتصال جزءا من الجسم ينافي كون الجسم قابلا للاتصال والانفصال ، لأن الأول يستلزم انعدام الجسم عند زوال الاتصال ، والثاني يستلزم بقاء عنده ضرورة (٢) اجتماع القابل مع المقبول ، فحينئذ يتوجه أن يقال لو كان الاتصال جزءا لم يكن الجسم قابلا للانفصال ، وقد قلتم ببطلان اللازم ، أو يقال لو كان الجسم قابلا له (٣) لم يكن الاتصال جزءا ، وقد قلتم بحقية الملزوم ، وهكذا في الجانب الآخر لا يقال الاتصال يطلق بالإشراك أو المجاز ، على امتداد جوهري ،
__________________
(١) الكثرة ضد الوحدة ، واللفظان متقابلان ومتضايفان ، لأنك لا تفهم أحدهما دون نسبته الى الآخر والدليل على ذلك أنك تعرف الواحد بقولك : إنه الشيء الذي يقبل الانقسام الى وحدات مختلفة والواحد بالعدد إما أن يكون فيه بوجه من الوجوه كثرة بالفعل فيكون واحدا بالتركيب والاجتماع وإما ان لا يكون (راجع ابن سينا النجاة ٣٦٥) والكثير يكون كثيرا على الاطلاق وهو العدد المقابل للواحد. ومذهب الكثرة هو القول أن موجودات العالم ليست مجرد أعراض أو ظواهر لحقيقة واحدة مطلقة وإنما هي جواهر شخصية كثيرة مستقلة بعضها عن بعض ولكل منها صفات تخصه بخلاف مذهب الواحدية التي يقرر أن جميع أشياء هذا العالم ترجع الى حقيقة واحدة ، ولا يجوز التعدد.
(٢) سقط من (ب) لفظ (ضرورة)
(٣) سقط من (أ) لفظ (له)