هو الجزء وليس بزائل عن الجسم ، بل ينعدم الجسم بانعدامه وعلى عرضي هو الزائل عن الجسم ، وليس بجزء له ، بل كمية عارضة.
لأنا نقول : الاتصال الذي يزول بطريان الانفصال إن كان هو الأول لم يكن القابل للانفصال هو الجسم لانعدامه حينئذ (١) ، فيبطل قولكم في إثبات الهيولي : أن الجسم قابل للاتصال والانفصال ، وإن كان هو الثاني لم ينعدم الجسم بانعدامه ، فلم يمتنع كونه قابلا للانفصال بذاته من غير افتقار إلى الهيولي ، لا يقال الامتداد العرضي من لوازم الجسمية ، فزواله بزوالها ، لأنا نقول : الزائل امتداد مخصوص وليس بلازم ، واللازم امتداد ما ، وليس بزائل ، كما يرى في الشمعة من تبدل المقادير مع بقاء الجسمية بعينها ، لا يقال فكذلك الامتداد الجوهري لأنا نقول هذا لا يضر بالمقصود ، بل يفيده لأن ما يزول عنه خصوص امتداد جوهري ، ويطرأ آخران هو المعنى بالهيولى ولذا قالوا : كما تتبدل المقادير على جوهر باق هو الصورة تتبدل الصورة على جوهر باق هو المادة ، بل الجواب : أن ليس معنى قبول الجسم للانفصال أنه بعينه ومع بقائه بجميع أجزائه يقبله ، بل إن فيه جزءا باقيا بعينه هو القابل بالحقيقة له وللاتصال الذي يقابله ، أما عدم الزوال بالكلية فلضرورة التفرقة بين انعدام ماء الجرة بالمرة ، وبين انفصاله إلى مياه جمة ، وأما عدم البقاء بتمام الماهية واقتصار الزوال على الهوية فلانعدام الجزء الذي هو لاتصال هذا.
والإنصاف أن انفصال الماء إلى المياه ليس بانعدام جوهر وحدوث آخر ، وأن الباقي في الحالين هو الماء بحقيقته ، وإن تبدل في هويته لا جزء منها هو الهيولي.
الخامس : أن الجسم الواحد إذا انفصل إلى جسمين ، فإما أن تكون مادة هذا هي مادة ذاك بعينها ، وهو مع كونه ضروري البطلان يستلزم أن يكون الواحد بالشخص في حيزين ومتصفا بجسميتين ، وإما غيرها وحينئذ إما أن تكون المادتان قد كانتا موجودتين عند الاتصال فيشمل الجسم على أجزاء بالفعل ، بل يكون له مواد غير متناهية بحسب قبول الانقسام ، بل يتألف من أجسام لا تتناهى ، ضرورة أن
__________________
(١) في (أإ) بزيادة لفظ (حينئذ)