وتلك لها طبيعة عنصرية ، وهي أمور لا تلحق الجسمية من خارج ، فإن الجسمية في الخارج موجودة ، والطبيعة الفلكية موجودة أخرى ، وقد انضاف إلى تلك الطبيعة القائمة المشار إليها هذه الطبيعة الأخرى في الخارج ، بخلاف المقدار الذي هو ليس في نفسه شيئا محصلا ما لم يتنوع بأن يكون خطا أو سطحا إذ ليست المقدارية موجودة ، والخطية موجودة أخرى ، بل الخطية نفسها هي المقدارية المحمولة عليها ، فالجسمية مع كل شيء يفرض بشيء متقرر هو جسمية فقط من غير زيادة ، وأما المقدار فلا مقدار فقط ، بل لا بد من فصول حتى يوجد ذاتا متقررة إما خطا أو سطحا.
فإن قيل : لا خفاء ولا خلاف في أن الجسم جنس تحته أنواع بل أجناس ، وإنما الكلام في أنه جنس عال أو فوقه جنس الجوهر ، فكيف يصح القول بأن الجسمية طبيعة نوعية؟ ثم أي حاجة إلى ذلك في إثبات المطلوب. ومعلوم أن لوازم الطبيعة الجنسية أيضا لا يختلف ولا يتخلف.
قلنا : فرق بين الجسم الذي يؤخذ أمرا مبهما ، لا يتحصل إلا بما ينضاف إليه من الفصول ، وبين الجسمية المتحصلة في الخارج بحكم الحس ، واحتيج إلى بيان نوعيتها ليعلم أن احتياجها إلى المادة كما أنه ليس من جهة تشخصها ، أعني كونها هذه الجسمية ، أو تلك التشخص بالبعض دون البعض كذلك ليس من جهة فصول بعض الأقسام أو ماهياتها بأن تكون الجسمية طبيعة جنسية ، تحتها جسميات ، مختلفة الحقائق بالفصول ، ممكنة الافتراق في اللوازم ، كالحيوانية ، أو عرضا عاما لجسميات كذلك كالوجود.
نعم يرد بعد تسليم ما ذكر في بيان نوعيتها أنه لم لا يجوز أن يكون ذلك من جهة بعض العوارض كقبول الانفصال الانفكاكي ، فلا يجري فيما لا يقبله كالفلكيات. وقد أشير في الإشارات إلى الجواب بأن قبول الجسمية للانفصال مع امتناع بقائها معه معرف لاحتياجها في ذاتها إلى المادة ، فيفتقر إليها ، حيث كانت يعني أنه ليس علة الاحتياج ليخص الاحتياج بما يقبل الانفصال ، بل علة للتصديق بالاحتياج الذاتي فيعم. ولا خفاء في توجه المنع ، وقد تقرر عموم الهيولي للاجسام بأن كل جسم فهو بالنظر إلى ذاته وامتداده ومقداره قابل للانفصال الانفكاكي ، وإن