فعند حلول الصورة إما أن تكون في جميع الأحياز وهو تخصيص بلا مخصص ، لأن نسبة الصورة الجسمية إلى جميع الأحياز على السوية.
فإن قيل : لعل معها صورة نوعية تقتضي الاختصاص.
قلنا : فننقل الكلام إلى خصوصية ذلك المظهر. أعني الصورة النوعية دون سائر المظاهر ، ثم تعيين هذا الحيز من بين الأحياز التي هي أجزاء حيز كلية ذلك النوع ، ولا يرد النقض بهذا من الأرض مثلا ، حيث يخصص بهذا الجزء من حيز الأرض لجواز أن يكون ذلك بسبب صورة سابقة مقتضية لهذا الوضع المقتضي (١) بهذا الحيز كما إذا صار جزء من الهواء ماء ثم صار (٢) أرضا فإنه ينزل على استقامة إلى أن يقع في حيز من الماء ثم الأرض. وسيجيء لهذا زيادة بيان ، وكذا الكلام في وجه اختصاص المادة بما لها من الصورة النوعية على ما نفصله في الفرع الخامس. فلا يرد النقض به. نعم يتوجه أن يقال لم لا يجوز أن تكون للهيولي المجردة أوصاف وأحوال غير الصورة والأوضاع تعدها (٣) للاختصاص عند التجسم ببعض الأوضاع والأحياز على التعيين ، وأما الرفع بإسناد الاختصاص إلى القادر المختار على ما ذكره الإمام فلا يتأتى على أصول القائلين بالهيولى.
[قال (الثالث امتناع الصورة بدون الهيولي)
لأنها لو قامت بذاتها استغنت عن المحل ، فلم تحل فيه. وردّ بأنه يجوز أن لا يكون التجرد (٤) ولا الحلول لذاتها].
ولهم في بيان ذلك وجوه :
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (المقتضى)
(٢) سقط من (أ) لفظ (صار)
(٣) في (ب) يعد الاختصاص بدلا من (تعدها للاختصاص)
(٤) التجريد أو التجرد في اللغة التعرية تقول جرد الشيء قشره وجرد الجلد نزع شعره وجرد السيف من غمده سلّه والتجريد عند الفلاسفة هو انتزاع النفس عنصرا من عناصر الشيء والتفاتها إليه وحده دون غيره مثال ذلك أن العقل يجرد امتداد الجسم من كتلته مع أن هذا الجسم لا تنفك عنه صفتاه في الوجود الخارجي قال ابن سينا ان أصناف التجريد مختلفة ومراتبها متفاوتة. (راجع النجاة ص ٢٧٥)