أخصرها أنها لو وجدت مجردة لكانت مستغنية في ذاتها عن المحل فيمتنع حلولها فيه ، لأن ما بالذات لا يزول ، وأنها تستلزم قبول الانقسام الوهمي المستلزم لقبول الانقسام الانفكاكي المستلزم للمادة.
ورد الأول بأنه يجوز أن لا تقتضي ذاتها التجرد عن المادة ، ولا الحلول فيها ، بل كل منهما يكون لأمر من خارج.
والثاني : يمنع استلزام قبول الانقسام الوهمي للانفكاكي. وقد مرّ الكلام فيه.
وأشهرها : أن الصورة الجسمية مستلزمة للشكل ، وهو مستلزم للمادة.
أما الأول : فلما سيجيء من تناهي الامتدادات ولا نعني بالشكل إلا هيئة إحاطة نهاية أو نهايات.
وأما الثاني : فلأن حصول الشكل (١) لو لم يكن بمشاركة من المادة ولم يكن لها دخل في ذلك ، فإما أن تكون بمجرد الطبيعة الامتدادية ، فيلزم تساوي الأجسام في الأشكال أو بحسب فاعل من خارج ، فيتوقف اختلاف المقادير والأشكال على اتصال وانفصال وعلى قبول وانفعال ، وقد سبق أن ذلك بدون المادة محال.
واعترض بوجهين :
أحدهما : منع لزوم الانفصال ، فإنه قد تختلف المقادير والأشكال بدون الانفصال كما في تبدل مقادير الشمعة وأشكالها مع أن امتدادها بحالها ، وإن أريد أن إمكان الانفصال الوهمي مستلزم لإمكان الانفكاك المحوج إلى المادة على ما مر ، كأن باقي المقدمات مستدركا في البيان ، وهو وإن لم يكن قادحا في الفرض لكن لا كلام في استقباحه في أدب المناظرة سيما إذا كان بعض المقدمات
__________________
(١) الشكل في الأصل هيئة الشيء وصورته تقول شكل الارض صورتها والشكل أيضا هو المثل والشبيه والنظير قال ابن سينا مثل إدراك الشاة لصورة الذئب أعنى شكله وهيئته والشيء كلما بدل شكله تبدلت فيه الأبعاد المحدودة. (راجع رسالة الحدود والنجاة ص ٢٦٤) والشكل المنطقي هو الهيئة الحاصلة في القياس من نسبة الحد الأوسط الى الحد الأصغر والحد الأكبر فإذا كان الحد الأوسط موضوعا في الكبرى ومحمولا في الصغرى كان القياس من الشكل الاول الخ ... (راجع كتاب المنطق ص ٤٣ / ٤٨ للدكتور جميل صليبا)