ظاهر معروف ولا يدفعه إلا جاهل ولا يجحده إلا مباهت معاند. ومن الدليل قوله في تصديق النبي (ص) :
ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب |
|
لدينا ولا يعني بقول الأباطل |
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه |
|
ثمال اليتامى عصمة للأرامل |
يطوف به الهلاك من آل هاشم |
|
فهم عنده في عصمة وفواضل |
وقد أجمع أهل السير أيضا ونقلة الأخبار أن أبا طالب (ع) لما فقد النبي صلىاللهعليهوآله ليلة الاسراء جمع ولده ومواليه وسلم إلى كل رجل منهم مدية وأمرهم أن يباكروا الكعبة فيجلس كل رجل منهم إلى جانب رجل من قريش ممن كان يجلس في الكعبة ـ وهم يومئذ سادات أهل البطحاء ـ فان أصبح ولم ير للنبى (ص) خبرا او سمع فيه سوء اومأ إليهم بقتل القوم ، ففعلوا ذلك. واقبل رسول الله (ص) مع طلوع الشمس فلما رآه ابو طالب قام إليه مستبشرا فقبل بين عينيه وحمد الله على سلامته. ثم قال : والله يا ابن أخي لو تأخرت عني لما تركت من هؤلاء عينا تطرف وأومأ إلى الجماعة الجلوس بفناء الكعبة من سادات قريش بيده عند قوله «هؤلاء» ثم قال لولده ومواليه : أخرجوا أيديكم من تحت ثيابكم. فلما رأت قريش ذلك انزعجت له ورجعت على ابي طالب بالعتب والاستعطاف فلم يحفل بهم.
ولم يزل رسول الله (ص) عزيزا ما كان ابو طالب حيا ، ولم يزل به ممنوعا من الأذى معصوما حتى توفاه الله ، نزل جبرئيل فقال : يا رسول الله أخرج عن مكة فقد مات ناصرك.
وأمه فاطمة بنت اسد بن هاشم ، فهو اوّل هاشمي ولد بين هاشميين ، ولقد كانت فاطمة بنت أسد لرسول الله بمنزلة الأم ، لأنه (ص) ربي في حجرها وهو ابن ثماني سنين ، وكان شاكرا لبرها ويسميها (أمي) ، فقد كانت تفضله على أولادها في البر ، وكانت من سابقات المؤمنات إلى الايمان ، هاجرت مع رسول الله الى المدينة ، ولما توفيت كفنها رسول الله (ص) بقميصه ليدرأ به