اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا باعطائها ما تشتهي من الحلال وما لا يثلم المروءة وما لا سرف فيه ، واستعينوا بذلك على امور الدين ، فانه ليس منا من ترك دنياه لدينه او ترك دينه لدنياه.
(حبوسه سلام الله عليه): ـ
وخاف الرشيد على خلافته منه ، فطلبه من المدينة وقيده وأرسل به إلى البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر ، وكان حمله (ع) من المدينة لعشر ليال بقين من شوال ، قيل وفي السابع والعشرين من رجب سنة تسع وسبعين ومائة ، فقدم به حسان السروي البصرة قبل التروية بيوم فدفعه إلى عيسى بن جعفر فحبسه في بيت من بيوت المحبس واقفل عليه وشغله عنه العيد ، فكان لا يفتح عليه الباب الا في حالتين : حال يخرج فيها إلى الطهور ، وحال يدخل إليه فيها الطعام. وكتب إلى الرشيد لقد طال امر موسى بن جعفر ومقامه في حبسي ، وقد اختبرت حاله ووضعت عليه العيون طول هذه المدة فما وجدته يفتر عن العبادة ، ووضعت عليه من يسمع منه ما يقول في دعائه فما دعا عليك ولا علي ولا ذكرنا بسوء وما يدعو إلا لنفسه بالمغفرة والرحمة ، فان أنت أنفذت إلى من يتسلمه مني وإلا خليت سبيله فاني متحرج من حبسه ، فوجه الرشيد من تسلمه منه وصبره الى بغداد سنة ١٨٠ فسلم إلى الفضل بن الربيع ، فبقي محبوسا عنده مدة طويلة.
وعن الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : بعث موسى بن جعفر (ع) من الحبس رسالة إلى هارون يقول : لن ينقضي عني يوم من البلاء حتى ينقضي عنك معه يوم من الرخاء حتى نفضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون.
وطلب الرشيد من الفضل قتله (ع) فأبى ، فكتب إليه أن يسلمه