الخضر من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لموسى إلا وقت افتراقهما ، يا ابن الفضل إن هذا الأمر أمر من امر الله تعالى وسر من سر الله وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنهعزوجل حكيم صدقنا بأن افعاله واقواله كلها حكمة وان كان وجهه غير منكشف لنا.
اعلم أن اختفاء سبب الغيبة عنا ليس مستلزما لصحة انكار وقوعها او عدم وجود مصلحة فيها ، فان سبيل هذه وسبيل غيرها من الحوادث الجارية بحكمة الله تعالى سواء ، فكما أنه لا سبيل إلى انكار المصلحة في بعض افعاله تعالى مما لم نعلم وجه حكمته ومصلحته لا طريق أيضا إلى انكار المصلحة في غيبة وليه وحجته ، فان مداركنا وعقولنا وقاصرة عن ادراك فوائد كثير من الأشياء وسنن الله تعالى في عالم التكوين والتشريع ، بل لم نعط مدارك ندرك بها كثيرا من المجهولات ، فالاعتراف بقصور افهامنا أولى.
وقال مولانا الصادق (ع) : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرت ابرة لغطاه ، تريد ان تعرف بها ملكوت السماوات والأرض.
والحاصل أنه ليس علينا السؤال عن هذه بعد إخبار النبي والمعصومين من أهل بيته (ص) عن وقوعها ودلالة الأحاديث القطعية عليها وبعد وقوعها في الأمم السالفة كما ذكره الإمام في رواية سدير الطويلة.
إن قلت : أي فائدة في وجود الامام الغائب عن الأبصار ، فهل وجوده وعدمه إلا سواء؟
قلت : أولا إن فائدة وجود الحجة ليست منحصرة في التصرف في الأمور ظاهرا ، بل اعظم فوائد وجوده ما يترتب عليه من بقاء العالم باذن الله تعالى وامره كما ينادي بذلك قوله (ص) «اهل بيتي امان لأهل الأرض ، فاذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» وقوله (ص)