عن المؤرخ المعاصر لهم ابن المأمون قال : اذا حل اليوم العاشر من محرم احتجب الخليفة الفاطمي عن الناس ، فاذا علا النهار ركب قاضي القضاة والشهود وقد لبسوا ملابس الحداد ثم يسيرون الى مشهد الحسين (ع) فيتخذون مجلسهم الى جانب القراء حتى يصل الوزير فيجلس في صدر المجلس والقاضي عن يمينه والداعي عن شماله ثم يتناوب القراء تلاوة القرآن وينشد الشعراء القصائد في رثاء أهل بيت النبي (ص) ، ثم ينصرف الوزير الى داره ويدخل قاضي القضاة والداعي ومن معهما باب الذهب ، وهو أحد ابواب القصر الفاطمي ، فيجدون الدهاليز قد فرشت بالحصر بدل البسط والزينة وصاحب الباب جالسا هنالك ، فيجلس القاضي والداعي الى جانبه ثم يجلس سائر الناس فيقوم القراء وينشد المنشدون.
ومن مظاهر الاحتقال بيوم عاشوراء ذلك السماط الذي اطلق عليه (سماط الحزن) كعادة أهالي تسعين محلة كركوك وتازه خرماتو وبشير وداقوق وطوزخرماتو في زماننا هذا ، فهم لا يأكلون في عشرة عاشوراء اللحم وانواع الفاكهة ، وكان يقدم فيه خبز الشعير والعدس والمملحات والمخللات والأجبان والألبان وعسل النحل.
وكان الخليفة الفاطمي يحضر هذا المجلس ويجلس على كرسي من الجريد بغير مخدة متلثما هو وجميع رجال حاشيته ، فيسلم عليه الوزير والأمراء والقاضي والداعي والأشراف وهم متلثمون حفاة ، وكان الخليفة يبدي ابلغ مظاهر الحزن والأسى في ذلك اليوم ، وإذا انتهى المجلس انصرف الناس في ذلك الزي الذي ظهروا فيه وطافت النواح بالقاهرة وأغلق الباعة حوانيتهم الى ما بعد صلاة العصر.
وذكر المقريزي أيضا أنه في العاشر من شهر المحرم سنة (٣٦٣) وهو ذكرى اليوم الذي قتل فيه الحسين بكربلاء انصرف جماعة من المصريين