بالضرورة والمفروض أنه تعالى مسلوب عنه جميع النقائص فهو عادل فالعدل هو تنزيهه تعالى عن النقائص الفعلية.
وبعبارة أخرى إنا نعتقد أن من صفاته تعالى الثبوتية الكمالية أنه تعالى عادل غير ظالم فلا يجور في قضائه ولا يخيف في حكمه يثيب المطيعين وله أن يجازى العاصين ولا يكلف عباده ما لا يطيقون ولا يعاقبهم زيادة على ما يستحقون ونعتقد أنه سبحانه لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة ولا يفعل القبيح لأنه تعالى قادر على فعل الحسن وترك القبيح مع فرض علمه بحسن الحسن وقبح القبيح وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح فلا الحسن يتضرر بفعله حتى يحتاج الى تركه ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله وهو مع كل ذلك حكيم لا بد أن يكون فعله مطابقا للحكمة وعلى حسب النظام الأكمل :
فلو كان يفعل الظلم والقبح ـ تعالى عن ذلك ـ فان الأمر في ذلك لا يخلو عن اربع صور :
أن يكون جاهلا بالأمر فلا يدرى أنه قبيح.
أن يكون عالما به ولكنه مجبور على فعله وعاجز عن تركه ولكنه محتاج الى فعله. أن يكون عالما به وغير مجبور عليه ولا يحتاج إليه فينحصر في أن يكون فعله له تشهيا وعبثا ولهوا.
وكل هذه الصور محال على الله تعالى وتستلزم النقص فيه وهو محض الكمال فيجب أن نحكم أنه منزه عن الظلم وفعل ما هو قبيح.
غير أن بعض المسلمين جوز عليه تعالى فعل القبيح تقدست اسماؤه فجوز أن يعاقب المطيعين ويدخل الجنة العاصين بل الكافرين وجوز أن يكلف العباد فوق طاقتهم وما لا يقدرون عليه ومع ذلك يعاقبهم على تركه وجوز أن يصدر منه الظلم والجور والكذب والخداع وأن يفعل الفعل بلا حكمة وغرض ولا مصلحة وفائدة بحجة أنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فرب أمثال هؤلاء الذين صوروه