الثاني أنه ان فعل المعصية فاما أن يجب علينا اتباعه فيها فيكون قد وجب علينا فعل ما وجب تركه واجتمع الضدان وإن لم يجب انتفت فائدة البعثة.
الثالث أنه لو جاز أن يعصي لوجب ايذاؤه والتبرى منه لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن الله تعالى نص على تحريم ايذاء النبي (ص) فقال (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).
الرابع أنه يلزم بعصيانه سقوط محله ورتبته عند العوام فلا ينقادون الى طاعته فتنتفى فائدة البعثة.
الخامس أنه يلزم أن يكون أدون حالا من آحاد الامة لأن درجة الأنبياء في غاية الشرف وكل من كان كذلك كان صدور الذنب عنه فحش كما قال تعالى (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) والمحصن يرجم وغيره يحد وحد العبد نصف حد الحرّ والاصل فيه أن علمهم بالله اكثر واتم وهم مهبط وحيه ومنازل ملائكته ومن المعلوم أن كمال العلم يستلزم معرفته والخضوع والخشوع له فينا فى صدور الذنب لكن الاجماع دل على أن النبي (ص) لا يجوز أن يكون اقل حالا من آحاد الأمة.
السادس انه يلزم أن يكون مردود الشهادة لقوله تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) فكيف يقبل عموم شهادته في الوحي واحكام الله تعالى ويلزم أن يكون أدنى حالا من عدول الامة وهو باطل بالاجماع.
السابع أنه لو صدر عنه الذنب لوجب الاقتداء به لقوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) والتالي باطل لأنه لو لم يكن معصوما لكان محل انكار ومورد عتاب كما في قوله تعالى أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وقوله تعالى (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) فيجب أن يكون مؤتمرا بما يأمر به منتهيا عما ينهى.