في تلك السّنة سبع مرّات ، فلمّا كان ليلة من اللّيالي رأيت كأنّ القيامة قد قامت ، ومناديا ينادي : أين ابن الخاضبة؟ فأحضرت ، فقيل لي : ادخل الجنّة. فلمّا دخلت الباب ، وصرت من داخل استلقيت على قفاي ، ووضعت إحدى رجليّ على الأخرى ، وقلت : استرحت والله من النّسخ (١). فرفعت رأسي ، فإذا ببغلة في يد غلام فقلت : لمن هذه؟ فقال : للشّريف أبي الحسين ابن الغريق. فلمّا أصبحت نعي إلينا الشّريف (٢).
وقال ابن عساكر : (٣) سمعت أبا الفضل محمد بن محمد بن عطّاف يحكي أنّه طلع في بعض بني الرؤساء ببغداد إصبع زائدة ، فاشتد تألّمه منها ليلة ، فدخل عليه ابن الخاضبة ، فشكا إليه وجعه ، فمسح عليها وقال : أمرها يسير.
فلمّا كانت اللّيلة الثانية نام وانتبه ، فوجدها قد سقطت. أو كما قال.
توفّي رحمهالله في ثاني ربيع الأوّل ببغداد ، وكان يوما مشهودا ، وختم على قبره ختمات (٤).
٣٢٢ ـ محمد بن الحسن (٥).
أبو بكر الحضرميّ ، المعروف بالمراديّ القيروانيّ.
__________________
(١) إلى هنا في (معجم الأدباء).
(٢) المنتظم ٩ / ١٠١ (١٧ / ٣٦) ، معجم الأدباء ١٧ / ٢٢٧ ، ٢٢٨ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٢٦ ، سير أعلام النبلاء ١٩ / ١١٢ ، عيون التواريخ ٣ / ٥٦ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٦ ، الوافي بالوفيات ٢ / ٩٠ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٥٣.
(٣) في تاريخ دمشق ٣٦ / ٣٣٠.
(٤) قال ابن الجوزي : كان معروفا بالإفادة ، وجودة القراءة ، وحسن الخط ، وجودة النقل ، وجمع علم القراءات والحديث ، وأكثر من أبي بكر الخطيب ، وأصحاب المخلص ، والكتاني. حدّثنا عنه شيوخنا وكانوا يثنون عليه ، وعاجلته المنيّة قبل الرواية. (المنتظم).
وأنشده أبو علي إسماعيل بن قليّة ببيت المقدس :
كتبت إليك إليّ الكتاب |
|
وأودعته منك حسن الخطاب |
لتقرأه أنت لا بل أنا |
|
وينفذ مني إليّ الجواب |
وقال ياقوت : إنما ذكرت ابن الخاضبة في كتابي هذا وإن لم يكن ممن اشتهر بالأدب لأشياء منها أنه كان قارئا ورّاقا ، وله حكايات ممتعة ، ولم يكن بالعاري من الأدب بالكلية. (معجم الأدباء ١٧ / ٢٣٠).
(٥) انظر عن (محمد بن الحسن) في : الصلة لابن بشكوال ٢ / ٦٠٤ ، ٦٠٥ رقم ١٣٢٦ ، ومعجم المؤلفين ٩ / ١٨٨.