[بدء المرابطين]
واتّسعت مملكته واستولى على المغرب وكثير من إقليم الأندلس ، وترك كثيرا من جيوشه بثغور الأندلس ، وطاب لهم الخصب والرّفاهية ، واستراحوا من جبال البربر وعيشها القشب ، ولقّبهم بالمرابطين. وسالمه المستعين بالله ابن هود صاحب شرق الأندلس ، وكان يبعث إليه بالتّحف. وكان هو وأجناده ممّن يضرب بهم المثل في الشّجاعة ، فلمّا احتضر يوسف بن تاشفين أوصى ولده عليّا ببني هود وقال : اتركهم بينك وبين العدوّ ، فإنّهم شجعان (١).
[استيلاء الفرنج على صقلّيّة]
وفيها استولت الفرنج على جميع جزيرة صقلّيّة. وأوّل ما فتحها المسلمون بعد المائتين ، وحكم عليها آل الأغلب دهرا ، إلى أن استولى المهديّ العبيديّ على الغرب. وكان العزيز العبيديّ صاحب مصر قد استعمل عليها الأمير أبا الفتوح يوسف بن عبد الله ، فأصابه فالج ، فاستناب ولده جعفرا ، فضبط الجزيرة ، وأحسن السّيرة إلى سنة خمس (٢) وأربعمائة ، فخرج عليه أخوه عليّ في جمع من البربر والعبيد ، فالتقوا ، فقتل خلق من البربر والعبيد ، وأسر عليّ ، وقتله أخوه ، فعظم قتله على أبيه وهو مفلوج ، وأمر جعفر بنفي كلّ بربريّ بالجزيرة ، فطردوا إلى إفريقية ، وقتلوا سائر العبيد ، واستخدم له جندا من أهل البلاد ، فاختلف عسكره ، ولم تمض إلّا أيّام حتّى أخرجوه وخلعوه ، وأرادوا قتله. وكان ظلوما لهم ، عسوفا ، فعملوا حسبته ، وحصروه في قصره سنة عشر وأربعمائة ، فخرج لهم أبوه أبو الفتوح في محفّة ، فرقّوا لحاله ، وأرضاهم ، واستعمل عليهم ابنه أحمد المعروف بالأكحل. ثمّ جهّز ابنه في البحر في مركب إلى مصر ، وسار هو بعد ابنه ومعهما من العين ستّمائة ألف وسبعون ألف دينار.
وكان ليوسف من الخيل ثلاث عشرة ألف حجرة ، سوى البغال وغيرها.
ومات يوم مات وما له إلّا فرس واحد.
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٩٢ ، ١٩٣ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٤.
(٢) في المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٠ «إلى سنة عشر».