أرغون المتغلّب على خراسان ، فلمّا بلغوا الدّامغان أتاهم قتله ، ثمّ لحقهم السّلطان بركياروق ، وسار إلى نيسابور ، فتسلّمها ، ثمّ تسلّم سائر خراسان بلا قتال ، ثمّ نازل بلخ وتسلّمها ، وبقي بها سبعة أشهر ، وخطبوا له بسمرقند ، وغيرها. ودانت له البلاد ، وخضعت له العباد. واستعمل أخاه سنجر على خراسان ، ورتّب في خدمته من يسوس الممالك ، لأنّه كان حدثا (١).
[ولاية محمد بن أنوشتكين على خوارزم]
وفيها أقرّ بركياروق الأمير محمد بن أنوشتكين على خوارزم. وكان أبوه مملوك الأمير بلكابك (٢) السّلجوقيّ ، فطلع نجيبا ، كامل الأوصاف ، فولد له محمد هذا ، فعلّمه وأدّبه ، وترقّت به الحال إلى أن ولي خوارزم ، ولقّب خوارزم شاه.
وكان كريما ، عادلا ، محسنا ، محبّا للعلماء (٣). فلمّا تملّك السّلطان سنجر أقرّ محمدا على خوارزم. ولمّا توفّي ولي بعده ولده أتسز بن خوارزم شاه ، فمدّ ظلل الأمن ، ونشر العدل ، وكان عزيزا على السّلطان سنجر ، وأصلا عنده لشهامته وكفايته وشجاعته. وهو والد السّلطان خوارزم شاه محمد الّذي خرج عليه جنكزخان (٤).
[انهزام دقاق عند قنّسرين أمام أخيه]
وفيها نازل رضوان صاحب حلب مدينة دمشق ليأخذها من أخيه دقاق ، فرأى حصانتها ، فسار ليأخذ القدس فلم يمكنه ، وانقطعت عنه العساكر. وكان معه ياغي (٥) سيان ملك أنطاكية ، فانفصل عنه ، وأتى دمشق ، وحسّن لدقّاق محاصرة حلب ، فسار معه. واستنجد رضوان بسقمان بن أرتق ، فنجده بجيش
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٦٥ ، تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٦ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٤٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٩ ، العبر ٣ / ٣٢٧.
(٢) في الكامل : «بلكباك» ، وفي العبر ٣ / ٣٢٧ «ملكايل».
(٣) المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٩ ، العبر ٣ / ٣٢٩.
(٤) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٦٧ ، ٢٦٨ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٢٥٥ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٠٩ ، دول الإسلام ٢ / ١٨ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٥٤ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٩ ، ١٠.
(٥) في المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٠ : «باغي».