سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة
[الفتنة بين السّنّة والشيعة]
في صفر كبس غوغاء السّنّة الكرخ ، وقتلوا رجلا وجرحوا آخر ، فأغلق أهل الكرخ أسواقهم ، ورفعوا المصاحف وثياب الرّجلين بالدّماء ، ومضوا إلى دار كمال الملك الدّهستانيّ مستغيثين ، فأرسل إلى النّقيب طراد يطلب منه إحضار الرّجلين القاتلين ، فلم يقدر ، وكفّ النّاس. فلمّا سار السّلطان عادت الفتنة (١).
[تملّك السلطان ما وراء النهر]
وفيها ملك السّلطان ما وراء النّهر ، وذلك لأنّ سمرقند تملّكها ابن أخي تركان زوجة السّلطان ، وكان صبيّا ظلوما غشوما ، كثير المصادرة. فكتبوا إلى السّلطان سرّا يستغيثون به ليتملّك عليهم ، فطمع السّلطان ، وتحرّكت همّته ، وسار من أصبهان بجميع جيوشه ، وعبر النّهر ، وقصد بخارى فملكها (٢) ، وقصد سمرقند ونازلها ، وكاتب أهلها ، ففرح به التّجّار والرّؤساء ، وفرّق صاحبها أحمد خان الأبرجة على الأمراء ، وسلّم برج العيّار (٣) إلى رجل علويّ ، فنصح في القتال. ورمى السّلطان عدّة أماكن من السّور بالمنجنيقات ، فلمّا صعدوا السّور اختفى أحمد خان في بيت عاميّ ، فغمز عليه ، وحمل إلى السّلطان يجرّ بحبل ،
__________________
(١) المنتظم ٩ / ٤٧ ـ ٤٩ (١٦ / ٢٨١ ـ ٢٨٣) ، الكامل في التاريخ ١٠ / ١٧٠ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٤ (حوادث سنة ٤٨١ ه.).
(٢) سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٢١ ، دول الإسلام ٢ / ١٠ ، مرآة الجنان ٣ / ١٣٣ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٥ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ١٠ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ٣ ، مآثر الإنافة ٢ / ٧
(٣) في الأصل بياض ، والمستدرك من (الكامل ١٠ / ١٧٢).