الإنسانُ والاختيار
الأصلُ الواحدُ والخمسون : الاختيار حقيقة مسلّمة
إنّ اختيار الإنسان ، وحريّة إرادته ، حقيقة مسلّمةٌ وواضحةٌ ، وفي مقدور كلّ أحَدٍ أن يُدركَه ، ويقف عليه من طُرُقٍ مختلِفةٍ نشير إليها فيما يأتي :
ألف : إنّ وجدان كُلّ شخص يشهَد بأنّه قادرٌ ـ في قراراته ـ على أن يختارَ أحدَ الطرفين : الفعلَ أو التركَ ، ولو أنّ أحداً تردّد في هذا الإدراك البديهي وجب أن لا يقبل أيَّة حقيقةٍ بديهيةٍ أيضاً.
ب : إنَّ المدحَ والقدحَ للأشخاص المختلفين في كلّ المجتمعات البشرية الدينيّة وغير الدينيّة ، علامةٌ على أَن المادحَ أو القادحَ اعتبر الممدوح ، أو المقدوحَ فيه ، مختاراً في فعلهِ ، وإلّا لَما كانَ المدحُ والقدح منطقياً ، ولا مُبرَّراً.
ج : إذا تَجاهَلنا اختيارَ الإنسان وحرّية إرادته ، كان التشريعُ أمْراً لَغواً وغيرَ مفيد أيضاً ، لأنّ الإنسانَ إذا كان مضطراً على سلوك دون اختياره ، بحيث لا يمكنه تجاوزه ، والخروجَ عنه ، لم يكن للأمرِ والنهي والوَعد