الأصلُ الثاني والثمانون : مناقشة الروايات الدالّة على تحريف القرآن وردّها
لقد وَرَدَت في كتب الحديث ، والتفسير ، رواياتٌ يدل بعضُها على وُقوع التحريف في القرآن الكريم ، ولكن يجب أن ننتبه إلى النقاط التالية :
أوّلاً : أنّ أكثر هذه الروايات نُقِلَتْ بواسطة أفراد غير موثوق بهم وجاءت في كتب لا قيمة لها. مثل كتاب «القراءات» لأحمد بن محمد السياري (المتوفّى ٢٨٦ ه ق) الذي ضَعَّفَهُ علماءُ الرجال وضعَّفوا رواياته ، واعتبروه فاسد المذهب (١) أو كتاب علي بن أحمد الكوفي (المتوفّى ٣٥٢ ه ق) الذي قال عنه علماء الرجال بأنّه صار غالياً في أُخريات حياته. (٢)
ثانياً : بعض هذه الروايات التي حُمِلَت على التحريف ، لها جانبُ التفسير ، أي أنّها تفسّر الآية ، وتكون من قبيل تطبيق المفادِ الكليّ للآية على مصاديقه ، أو أحد مصاديقه. غير أنّ البعضَ تصوّر أنّ ذلك التفسير والتطبيق هو جزءٌ مِن القرآن الكريم ، وقد حُذِفَ ، أو سقطَ من القرآن الكريم.
فمثلاً فُسرت لفظةُ (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) في سورة الحمد في الروايات ب «صراط النبي وأهل بيته» ومن الواضح جدّاً أنّ مثل هذا التفسير هو نوع من أنواع التطبيق الكليّ على المصداق الأكمل (٣).
__________________
(١). رجال النجاشي : ١ / ٢١١ رقم الترجمة ١٩٠.
(٢). رجال النجاشي : ١ / ٩٦ رقم الترجمة ٦٨٩.
(٣). الطبرسي : مجمع البيان : ١ / ٢٨.