من الصحيحِ أنْ يترك النبيُ الأكرمُ صلىاللهعليهوآلهوسلم الأُمّة الإسلاميةَ ، والدينَ الإسلاميَ اللّذَين كانا محاطَين بالأخطار من كلّ جانب ، وكان الأعداءُ لهما بالمرصاد من كلّ ناحية ، من دونِ قائدٍ معيّنٍ؟!!
إنّ النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا شكَّ كانَ يَعْلَم أن حياةَ العرب حياة قَبَليّة ، عشائرية وأنّ أفرادَ هذه القبائِل كانَتْ مُتَعَصِّبة لرؤساء تلك القبائل ، فهم كانوا يطيعون الرؤساء بشدّة ، ويخضَعُون لهمْ خضوعاً كبيراً ، ولهذا فإنَّ ترك مِثل هذا المجتمع مِن دون نصبِ قائدٍ معيّن سوف يؤدّي إلى التشتت والتنازع بين هذه القبائل ، وسيستفيد الأعداء من هذا التخاصُم والتَنازع ، والاختلاف.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة قال الشيخ الرئيس أبو علي بن سينا : «الاستخلاف بالنصّ أصوب ، فإنّ ذلك لا يؤدي إلى التشعّب والتشاغب والاختلاف» (١).
الأصلُ السادسُ والثمانون : تعيين الإمام والخليفة في أحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
والآن وَبعدَ أنْ ثَبَتَ أنَّ حِكمةَ النبيّ وعلمهُ كانا يقتَضِيانِ بأن يتخذ موقفاً مناسِباً في مجالِ القيادة الإسلاميّة مِن بَعدِهِ ، فَلْنرَى ما ذا كانَ الموقف الذي اتخذه صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الصعيد؟
هُناكَ نظريَّتان في هذا المَجال نُدرِجُهُما هنا ، ونعمَدُ إلى مناقشتهما :
النظرية الأُولى : انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اختار بأمرِ الله تعالى شخصاً مُمتازاً
__________________
(١). الشفاء ، الإلهيات ، المقالة العاشرة ، الفصل الخامس ، ٥٦٤.