الأصلُ الثالِثُ والثلاثون : التوحيد في العبادة
إنّ التوحيدَ في العبادة هو الأصل المشترك والقاعدة المتفق عليها بين جميع الشرائع السماوية.
وبكلمة واحدة : إنّ الهدف الأسمى من بَعث الأنبياء والرسُل الإلهيّين هو التذكير بهذا الأصل كما يقول : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (١).
إِنّ جميع المسلمين يعترفون في صلواتهم اليومية بهذا الأصل ويقولون : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) (٢).
وعلى هذا الأساس فإنّ وجوبَ عبادة الله وحده ، والاجتناب عن عبادة غيره أَمرٌ مسلَّمٌ لا كلام فيه ، ولا يخالف أحد في هذه القاعدة الكلية أبداً ، وإنّما الكلام هو في أنّ بعض الأعمال والممارَسات هل هي مصداق لعبادة غير الله أم لا؟ وللوصُول إلى القولِ الفصلِ في هذا المجال يجب تحديد مفهوم العبادة تحديداً دقيقاً ، وتعريفها تعريفاً منطقياً ، بغية تمييز ما يدخل تحت هذا العنوان ويكون عبادة ، ممّا لا يكون كذلك ، بل يُؤتى به من باب التعظيم والتكريم.
لا شك ولا ريبَ في أنّ عِبادةَ الوالدين والأنبياء والأولياء حرامٌ وشركٌ ، ولكن مع ذلك يكون احترامهم واجباً وعينَ التوحيد : (وَقَضى رَبُّكَ
__________________
(١). النحل / ٣٦.
(٢). الفاتحة / ٥.