«أيّها المَلِك ؛ إنّ الله بَعَث إلينا رَسولاً مِنّا فَدعانا إلى الله لِنوَحّدَه ونعبدَه ، ونخلعَ ما كنّا نعبُدُ نحن وآباؤنا من دونه ، من الحجارة والأوثان ، وأمَرَنا بصدقِ الحديث ... وأمَرَنا بالصلاةِ ، والزكاة وصلة الرحم ، وحُسن الجوار ، ونهانا عن الفواحِشِ ، وقولِ الزُّور» (١).
إنّ هذه القرائن ، ونظائرها ، يمكن أنْ تقودَنا إلى صدقِ قول رسول الإسلام وحقانيّة هدفه ..
إنّ من المحتم أنّ رجلاً بهذه الخصوصيّات لا يرتكب الكذِبَ أبداً ، وفي النتيجة يجب أن يُقال : إنّه كان صادقاً في ادّعائه النبوّة ، وارتباطه بعالم الغيب كما تؤيّد القرائنُ الأُخرى بالذات هذا الموضوع أيضاً.
الأصلُ الخامسُ والسبعون : تصديقُ النبيّ السابق
إنّ تصديقَ النبيّ السابق للنبيّ اللاحقِ هو أحد الطرق لإثبات دعوى النبوة وذلك لأنّ الفرض هو أنّ نبوة النبيّ السابق قد ثبتت بالأدلّة القاطعة ، ولهذا من الطبيعي أن يكون كلامُه سنداً قاطعاً للنبوّة اللاحقة ، ويُستفادُ من بعض الآيات القرآنيّة أنَّ أهلَ الكتاب كانوا يعرفون رسول الإسلام كما يعرفون أبناءهم ، يعني أنّهم قرءوا علائم نبوَّته في كتبهم السَّمَاوية ، وقد ادّعى رسولُ الإسلام هذا الأمر ، ولم يكذّبه أحدٌ منهم أيضاً ، كما يقول :
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ
__________________
(١). السيرة النبويّة لابن هشام ج ١ ، ص ٣٥٩ ـ ٣٦٠.