بعد إنّما هو من تبريرات العُلماء والمفكرين ، وأمّا من يشار إليهم من الصحابة فقد كانوا يَعتقدون بأنّ الخليفة يجب أن يُعيَّن ويُنصَب من قِبَل الخليفةِ السابق لا غير.
وللمثال عند ما جُرح الخليفةُ الثاني ، بَعَثَتْ عائشةُ زوجةُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رسالةً شفويّة إلى الخليفة الثاني بواسطة ابنه «عبدِ الله» إذ قالت له : يا بُنيّ أبلغ عمرَ سلامي وقل له : لا تَدَعْ أُمّة محمد بلا راعٍ ، استَخْلِفْ عَلَيْهم ، ولا تَدَعْهُمْ بَعدَك هَمَلاً ، فإنّي أخشى عَلَيْهمُ الفتْنَةَ. (١)
فأتى عبد الله أَباه وكان طريحَ الفراش فحثّه على تعيين الخليفة من بَعده قائلاً : إنّي سَمِعْت النّاسَ يقولون مقالةً فآليتُ أن أقولها لك وَزَعَمُوا أنّك غير مُسْتَخْلِفٍ وأنّه لو كان لك راعي إبِل ـ أو راعي غَنَم ـ ثمّ جاءَك وتَرَكَها لرأيَتَ أن قدْ ضَيَّعَ فَرِعايةُ النّاسِ أشدُّ. (٢)
الأصلُ الواحدُ والتسعون : ما هي وظائف الإمام بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
أشرنا في مطلعِ بحث الإمامة إلى أنّ خليفة النبي والإِمام إنّما هو في نظر المسلمين من يقوم بوظائف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (ما عدا تلقي الوحي والإِتيان بالشريعة) ونورد هنا أبرز هذه الوظائف لتتبيّن مكانة الإِمامة وأَهميتها بصورة أوضح.
__________________
(١). الإمامة والسياسة : ١ / ٢٨.
(٢). حُلية الأولياء : ١ / ٤٤.