ولقد صَرَّحَ علماءُ الإماميّة في كتُب العقائد التي ألّفُوها بما قُلناه.
فقد قال الشيخُ الصدوق رحمهالله : اعتقادُنا في المساءلةِ في القَبرِ ، انَّه حقّ لا بدَّ منها ، فمن أجابَ بالصواب فازَ برَوحٍ ورَيحانٍ في قَبرهِ ، وبِجَنّةِ النعيمِ في الآخرة ، ومَن لم يُجِبْ بِالصَّوابِ فَلهُ نُزُلٌ من حميمٍ في قبره ، وتَصْلِيةُ جَحيم في الآخرةِ. (١)
وقال الشيخُ المفيد في كتابه «تصحيحُ الاعتقاد» : جاءَت الآثارُ الصحيحة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الملائكة تنزل على المقبُورين فتسألُهم عن أدْيانهم ، وألفاظُ الأخبارِ بذلك متقاربة فمِنها أنّ مَلكَينِ لله تعالى يُقالُ لهما ناكر ونكير ينزلان على الميّتِ فَيَسألانِهِ عن ربِّهِ ونبيِّهِ ودينِهِ وإمامِهِ ، فإنْ أجابَ بالحق سَلَّموهُ إلى ملائكةِ النَّعيم ، وإن ارتجَّ عليه سَلَّموهُ إلى ملائكةِ العَذاب (٢).
وقال المحقّق نصيرُ الدين الطوسي في كتابه : «تجريد الاعتقاد» أيضاً : وعذابُ القبر واقعٌ لإمكانِهِ ، وتواتُرِ السّمعِ بِوقوعِهِ. (٣)
ومن راجَعَ كتب العقائد لدى سائر المذاهب الإسلامية اتّضح له أنّ هذه العقيدة هي موضع اتفاقٍ بين جميع المسلمين ، ولم يُنسَب إنكار عذابِ القبر إلّا إلى شخص واحِدٍ هو «ضرار بن عمرو» (٤).
__________________
(١). اعتقادات الصدوق ، الباب ١٧ ، ص ٣٧.
(٢). تصحيح الاعتقاد للمفيد : ص ٤٥ ـ ٤٦.
(٣). كشف المراد : المقصد ٦ ، المسألة ١٤.
(٤). راجع كتاب «السنة» لأحمد بن حنبل ؛ و «الإبانة» لأبي الحسن الأشعري ؛ وشرح الأُصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي.