على أنّ هذا الأصل لا يتنافى مَعَ مبدأ القضاء والقدر الإلهيّين ، لأن هذا الأصل (أي تأثير سلوك الأُمم في مصيرها) هو نفسُه من مظاهر التقدير الإلهي الكلّي.
يعني أنّ المَشيئة الإلهيّة الكُليّة تعلّقت بأن تَصنع الأُممُ هي مصائِرَها كأن يحظى المجتمعُ الذي يقيمُ علاقاته الاجتماعية على أساس العَدالة ، بحياة طيبة ، ومستقرة ، ويكون وضع الأُمة التي تقيم علاقاتها الاجتماعية على خلاف ذلك سَيّئاً ، وحالتها متدهورةً.
إنّ هذا الأصلَ هو ما يسمّى حسب مصطلح القرآن الكريم بالسنن الإلهيّة حيث قال : (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً* اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (١).
وقال : (.. وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ... وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ ..) (٢).
الأصلُ الثاني والعشرون : وضوح المستقبل البشري
إنّ مستقبلَ البشريّة واضحٌ لا إبهام فيه ، صحيح أنّ حياة البشرية اقترنت في الأغلب مع أَلوان مختلفة من التمييز ، والفوضى ، إلّا أنّ هذا الوضع لن يستمرَّ إلى الأبد ، بل يَتحرَّك التاريخ البشري باتجاه مستقبلٍ
__________________
(١). فاطر / ٤٢ ـ ٤٣.
(٢). آل عمران / ١٣٩ ـ ١٤٠.