الأصل التاسعُ والثلاثون : هل القرآن مخلوق أم قديم؟
اتّضح مِنَ البَحْث المتَقَدّم الذي تضمّن تفسيراً لِحقيقة كلامِ الله ، بنحوين ، أنَّ التفسيرَ الثاني لا يخالف التفسير الأوّل ، وانّه سبحانه متكلم بكلا الوجهين.
كما ثَبَتَ أنَّ كلام اللهِ حادثٌ وليس بقديمٍ ، لأنّ كلامَهُ هو فِعْلُه ، ومن الواضح أنّ الفِعلَ حادثٌ ، فَيُنتَجُ من ذلك أنّ «التكلّم» أمرٌ حادِثٌ أيضاً.
ومع أنّ كلام الله حادثٌ قطعاً فإنّنا رعايةً للأدب ، وكذا دَرءاً لسوءِ الفهم لا نقول : إنّ كلام الله (القرآن) مخلوق إذ يمكن أن يصفه أحدٌ في ضوء ذلك بالمجعول والمختلق وإلّا فإنّ ما سوى اللهِ مخلوقٌ قطعاً.
يقول سليمان بن جعفر الجعفري : سألت الإمامَ عليَّ بن موسى بن جعفر عليهالسلام : يا ابن رسول الله أخبِرني عن القرآن أخالقٌ أو مخلوقٌ؟ فأجاب عليهالسلام قائلاً : «ليس بخالقٍ ولا مخلوقٍ ، ولكنّه كلامُ الله عزوجل» (١).
وهنا لا بدّ من التذكير بنقطةٍ تاريخيةٍ في هذا المجال وهي أنّه طُرحت في أوائل القرن الثالث الهجري ، في عام ٢١٢ ه في أوساط المسلمين مسألة ترتبط بالقرآن الكريم ، وهي : هل القرآنُ حادثٌ أو قديمٌ؟
وقد صارت هذه المسألة سبباً للفرقة والاختلاف الشديدين ، على
__________________
(١). التوحيد للصدوق : ص ٢٢٣ باب القرآن ما هو ، الحديث ٢.