وعلى كلّ حال يكونُ التكلّم بِصُوره الثلاث بمعنى إيجاد الكلام وَهو من صِفات الفعل.
إنّ هذا التفْسير والتحليل لصفة التكلّم الإِلهيّ هو أحدُ التفاسير التي يمكن استفادتها بمعونةِ القرآنِ وإرشاده وهدايته.
وهناكَ تفسيرٌ آخرٌ لهذه الصفة وهو : أنَّ اللهَ اعتبر مخلوقاتهِ من كلماتِه فقال : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) (١).
فالمقصودُ من «الكلمات» في هذه الآية هو مخلوقات الله الّتي لا يقدرُ شيءٌ غيرُ ذاته سبحانه على إحصائها وعدّها ، ويدعم هذا التفسيرَ للكلمة وصفُ القرآن الكريم المسيحَ ابنَ مريم عليهالسلام بأنّه «كلمة الله» إذ قال : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) (٢).
إنّ الإمام أميرَ المُؤْمنين عليهالسلام فسّر تَكَلّم الله تعالى في إحدى خُطَبِه وأحاديثه بأنّه إيجادٌ وفِعلٌ ، فقال : «يَقُولُ لِمَنْ أرادَ كَوْنَهُ «كُنْ» ، لا بصَوتٍ يَقرَعُ ، ولا بنداءٍ يُسْمَعُ وَإنّما كَلامُهُ سُبحانَه فِعلٌ منه ، أنشَأهُ وَمَثَّله» (٣).
فإذا كان الكلام اللفظيّ معرباً عمّا في ضمير المتكلّم ، فما في الكون من عظائم المخلوقات إلى صغارها يعرب عن علم الله تعالى وقدرته وحكمته.
__________________
(١). الكهف / ١٠٩.
(٢). النساء / ١٧١.
(٣). نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٦.