المجالات التي يحقُّ للعقل الحكمُ فيها ، حتّى أنّ الإمام السّابع موسى بنَ جعفرٍ عليهالسلام عدّه إحدى الحجج إذ يقول : «إنّ لله على الناس حجّتين : حجّةً ظاهرةً وحجّةً باطنةً ، فأمّا الظّاهرةُ فالرُّسل والأنبياءُ والأئمة ، وأمّا الباطنةُ فالعُقول» (١).
الأصلُ الرّابع : العقل والوحي لا يتعارضان
لمّا كانَ الوحيُ دليلاً قطعيّاً ، وكان العقلُ مِصباحاً منيراً جعلهُ الله في كيان كل فردٍ من أفراد النَّوع الإنسانيّ ، ـ لذلك ـ لَزِمَ أنْ لا يقع أَيُّ تعارُضٍ بين هاتين الحجّتينِ الإِلهيَّتين.
ولو بدا تعارضٌ بدائيٌ أحياناً بينَ هاتينِ الحجَّتينِ ، فيجب أنْ يُعْلَم بأَنّه ناشئٌ من أحد أمرين : إمّا أنّ اسْتنباطنا مِن الدِّينِ في ذلك المورد غيرُ صحيحٍ ، وإمّا أنّ هناك خطأً وقع في مقدّمات البرهانِ العقليّ ، لأنّ الله الحكيم تعالى لا يدعُو النّاس إِلى طريقينِ متعارضينِ مُطلقاً.
وكما أنّه لا يُتصَوَّر أي تعارض حقيقي بين العقل والوحي ، كذلك لا يحدثُ أَيُّ تعارضٍ بين «العلم» و «الوحي» مطلقاً ، وإذا لُوحظَ نوعٌ مِن التعارض بين هذين في بعضِ الأَحايين فإنّه أيضاً ناشئ من أحد أمرين : إمّا أَنْ يكونَ استنباطُنا من الدّين في هذا الموضع استنباطاً خاطئاً ، وإمّا أنَ
__________________
(١). الكافي الأُصول : ج ١ ، ص ١٦ ، الحديث ١٢.