جميع الذنوب (ما عدا الشرك) ناظرة ـ من دون شَكٍّ ـ إلى أُولئك الّذين ماتُوا من دون توبة ، لأنّ جميعَ الذنوب والمعاصي ـ حتى الشرك ـ يشملُها العفوُ والغفرانُ إذا تابَ عنها الإنسانُ.
وحيث إنّ هذه الآية فَرَّقت بين المشرك وغير المشرك ، وَجَب أن نقول : إنّها تحكي عن إمكان مغفرةِ من ماتوا من دونِ توبة.
ومن الواضح أنّ مثلَ هذا الإنسان إذا كان مشركاً لم يغفرِ اللهُ له ، وأمّا إذا لم يكنْ مُشركاً فيمكنهُ أن يأمَل في عَفو اللهِ ويَطمع في غفرانه ولكن لا بشكلٍ قَطعيّ وحتميّ ، إنما يحظى بالعفو والغفران من تعلَّقت الإرادةُ والمشيئةُ الإلهيّةُ بمغفرته.
فإنّ قَيْد (لِمَنْ يَشاءُ) في الآية تضعُ العُصاة والمُذنبين بين حالَتي «الخَوْف» و «الرَّجاءِ» وتحثهم على التوقّي من الخطر وهو التوبة قبلَ الموت.
ولهذا فإنّ الوَعدَ المذكور يدفع بالإنسان على طريق التربية المستقيم ، بإبعاده عن منزلَق «اليَأس» و «التجرّي».
الأصلُ التاسع عشرَ بعدَ المائة : الجنة والنار مخلوقتان
نحن نعتقد أنّ الجنّة والنّار مخلوقتان موجودتان الآن.
قال الشيخ المفيد : «إنَّ الجنّة والنّارَ في هذا الوَقتِ مخلوقَتان وبذلك جاءتِ الأخبارُ ، وعليه إجماعُ أَهل الشّرعِ والآثار» (١).
__________________
(١). أوائل المقالات ص ١٤١.