وعلى هذا الأساس لا يمكن تحليل حقيقة الوحي المعقّدة وتفسيرها بالمقاييس العادية.
وفي الحقيقة إنّ نزول الوَحْي هو أحدُ مظاهر الغيب الّتي يجبُ الإيمانُ بها وإنْ لم تتضح لنا حقيقةُ هذه الظاهرة كما يقول : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (١).
الأصلُ الواحدُ والستّون : الوحي ليس وليد نبوغ الأنبياء وتفكّرهم الخاص
إنّ الّذين يريدونَ مقايسة كلّ شيء ، وتفسيرها بالمقاييس الماديّة والأدوات الحِسيّة ، ويريدون صَبَّ الحقائق الغيبيّة في قوالب حِسّية يفسرون ظاهرة «الوحي» بصور مختلفة ، جميعها باطلة في نظرنا ، وفيما يأتي نقدُ هذه التفسيرات والتحليلات في عدة نقاط :
ألف : ثمت فريق يعتبر الأنبياء من نوابغ البشر ، ويعتبرون الوحي حصيلة التفكير ، ونتيجةً لفعاليات حواسّهم الباطنية.
إنّ حقيقة «الروح الأمين» في تصور هذا الفريق هي روحُ هؤلاء النوابغ الزكية ، ونفوسُهم الصافية النقية ، وإنّ الكتب السماويّة كذلك ليست سوى أفكارهم السامية وتصوّراتهم الراقية.
إنّ هذا النوع من التفسير والتحليل لظاهرة الوحي ليس سوى الانبهار بالعِلم التجريبيّ الجديد الذي يعتمد الأساليب الحسيّة ـ لا غير ـ
__________________
(١). البقرة / ٢.