(إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) (١).
إنّ هاتين الآيتين (مع ملاحظة سيرة المسلمين المستمرة من عصر رسول الإسلام إلى هذا اليوم والمستقرة على حفظ هذه الآثار ، والمحافظة على البيوت المرتبطة برسول الله وأهل بيته المطهرين وحراستها) دليل واضحٌ وبرهان قاطع على كون هذا الموقف موقفاً إسلامياً ، وأصلاً شرعياً.
ولهذا تقوم مسألة تعمير مراقد الأنبياء ـ وبصورة خاصّة مراقد رسولِ الله وعترتهِ الطاهِرة صلوات الله عليهم ـ وبناءِ المساجد عليها ، أو إلى جانبها ، على أساس هذا الأصل الإسلامي.
الأصلُ الرابع والثلاثون بعد المائة : زيارة قبور المؤمنين
تُعتبر زيارةُ قبور المؤمنين ، وبخاصّة قبور الأقرباء والأبناء منهم ، من الأُصول الإسلامية التي تنطوي على آثار تربويّة في نفس زائريها ، وذلك لأنّ مشاهدة تلك الديار الصامتة التي يرقد فيها أُناس كانوا قبل ذلك يعيشون في الدنيا ، ويقومون بمختلف النشاطات ، ولكنّهم أصبحوا بعد حين أجداثاً خامدة ، وجثثاً هامدة ، جديرة بأن تهزَّ الضمير ، وتوقظ القلوب ، وتنبّه الغافلين ، وتكون درس عبرة لا ينسى.
__________________
(١). الكهف / ٢١.