والحال أنّه بناءً على كونِ الحُسن والقبح عَقْليَّيْن إذا فَعَلَ اللهُ قبيحاً ـ افتراضَاً ـ يُسأَل ويُقال : لما ذا فَعَلَ هذا الفِعْل؟
والجواب هو : إنّما لا يُسأَل الله عن فعله لأنّه حكيمٌ ، والحكيم لا يصدر منه القبيحُ قط ، ففعلهُ ملازمٌ للحكمة أبداً ، ولهذا لا يَبقى هناك ما يَستدعي المساءلة والاستفسار.
الأصلُ السادسُ والأربعون : تجلّيات العدل الإلهي في مجالي التكوين والتقنين
إنّ للعَدل الإلهي في مجالات التكوين والتشريع والجزاء ، مظاهر مختلفة نبيّنها واحداً بعد آخر :
ألف : العَدلُ التكوينيّ : لقد أعطى الله تعالى لكلّ مخلوقٍ خَلَقَه ، ما هو لائقٌ به ، ولازمٌ له ، ولم تَغبْ عنه القابليّاتُ عند الإفاضة والإيجاد أبداً.
يقول القرآنُ الكريمُ في هذا الصدد : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (١).
ب : العدلُ التشريعيّ : لقد هدى اللهُ الإنسانَ الّذي يمتلكُ قابليّة الرّشد والتكامل ، واكتساب الكمالات المعنويّة ، بإرسال الأنبياء ، وتشريع القوانين الدينيّة له. كما أنّه لم يُكلّف الإنسان بما هوَ فوق طاقته ، ووُسعه ، كما يقول : («إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ
__________________
(١). طه / ٥٠.