والتأمّل ، والتدبّر والتعقّل ، إلى درجة ، عُدَّت تنمية القوة العقليّة ، والتفكّر في مظاهر الخلق ، من علائم العقلاء وذوي الأَلباب قال تعالى في القرآن الكريم : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) (١).
هذا وإنّ الآيات التي ترتبط بضرورة التفكّر والتأمّل في مظاهر الخلقة أكثر بكثير من أن يمكن سردها في هذا البيان المقتضب.
وعلى أساس هذه الرؤية نجد القرآن الكريمَ ينهى الناس عن التقليد الأعمى ، وعن الاتّباع غير المدروس للآباء والأجداد.
الأصلُ الخامسُ والعشرون : الانسجام بين الحرية الفردية ومبدأ التكامل المعنوي
إنّ الحريات الفرديّة (الشخصيّة) في المجالات الاقتصادية السياسيّة مقيّدة في الإسلام بأنْ لا تُنافي مبدأَ التكامل المعنوي للإنسان كما هي مقيّدة بأن لا تضرّ بالمصالح العامة.
وفي الحقيقة إن حكمة التكليف بالوظائف والواجبات الدينية في الإسلام تكمن في أنّ الإسلام يريد بهذه الوظائف التي يُكلّف بها الإنسان أن يحافظ على كرامته الذاتيَّة ، وفي الوقت نفسه يضمن سلامة واستمرار المصالح الاجتماعية.
إنّ مَنع الإسلام من الوثنيّة ، ونهيه المؤكد عن تعاطي ومعاقرة الخمر
__________________
(١). آل عمران / ١٩١.