الأصلُ الثامن : العلّة والمعلول
النظامُ الكوني الرّاهنُ قائمٌ على أَساس العلَّة والمعلول ، وتقومُ بين ظواهرِهِ وأجزائه رابطةُ العليّة والمعلوليّة.
وتأثيرُ كلّ ظاهرة في ظاهرة أُخرى متوقّف على الإذن الإِلهي وَالمشيئة الإلَهيَّة ، وقد تَعلَّقت المشيئة الإلَهيَّة الحكيمة بتحقيق فيّاضيّته غالباً عن طريق النّظام السببيّ ، وعَبْرَ الأَسباب والمسبّبات.
ومن الواضح أَنَّ الاعتقاد بتأثير الظّواهر بعضُها في بعض ، لا يعني الاعتقاد بخالقيّتها قَطُّ ، بل المقصود هو أنّ تلك الأَسبابَ والعلل توفِّر ـ بإِذن الله ومشيئته ـ أرضيّة تحقّق ظواهر أُخرى ، وأَن أيّ نوع من أَنواع التأثير والتأثر مظهرٌ من مشيئة الله وإِرادته الكلّيّة.
وقد أشار القرآنُ الكريمُ إلى كلا المطلبين المذكورَين ونعني خضوع الظواهر الطّبيعية لقانون العليّة وكذا توقُّفَ تأثير كلّ علّةٍ وسبب في الكون على الإذن الإلهي الكلّي.
ففي المجال الأَوّل نكتفي بذكر الآية التالية :
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) (١).
وفي المَجالِ الثّاني نكتفي بالآيةِ التّالِيَة أَيْضاً :
(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) (٢). (٣)
__________________
(١). البقرة / ٢٢.
(٢). الأعراف / ٥٨.
(٣). للتَّوسُّع ومَزيد الاطِّلاعِ في هذا المجال تُراجَع كتب التّفسير والكلام (العقائد) منها : تفسير الميزان : ١ / ٧٤ طبعة بيروت ، والإلهيّات : ٢ / ٥١ ـ ٥٤.