الأصلُ السادسُ عشر بعد المائة : التوبة
إنّ انفتاح بابِ التوبةِ في وجهِ العُصاة والمُذنبين والدعوة إليها من التعاليمِ الإسلاميّة بل مِن مقرّرات جميعِ الشرائع السَّماويّة.
فعند ما يندَمُ الإنسانُ المذنبُ من عَمَلِهِ القبيحِ نَدَماً حقيقيّاً ويملأُ التوجّهُ إلى الله ، والتضرُّع إليه فضاءَ رُوحه ، فيقرّر من صميمِ قَلبه أن لا يرتكبَ ما ارتكبَ ثانيةً ، قَبِل اللهُ الرحيمُ أوبتَه وتَوبته ، بشروطٍ مَذكورةٍ في كتُب العقيدة والتفسير. يقول القرآنُ الكريمُ في هذا الصَّدَد :
(وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١).
إنّ الّذين لا يَعرفونَ الآثار التربويّة الإيجابيّة للتوبة يتصوَّرُون أنّ فتح هذين البَابين (بابِ الشفاعة وباب التوبة) في وجه العُصاة والمذنبين يشجّعهم ـ بشكلٍ ما ـ على المعصية ، في حين يغفل هؤلاء عن أنّ كثيراً من النّاس متورّطونَ في بعض المعاصي ، وقلّما يوجَد من لم يرتكبْ ذَنباً في حياته طوال عمره.
وعلى هذا الأساس ، إذا لم يكن بابُ التوبة مفتوحاً في وَجه هؤلاء لقالَ الذين يريدون أن يغيّروا مسيرهم ويقضوا بقيَّةَ أيّام حياتِهِمْ في الطُّهْر والنقاء مع أنفسهم : إنَّنا سنَلقى ـ على كلّ حالٍ ـ جزاءَ ذُنوبنا ، وندخل جهنّم فلِمَ لا نستجيبُ لِرَغباتنا؟ ولمَ لا نحقّق شهواتِنا فيما تبقى من عُمُرنا ما دام هذا هو مصيرُنا ، وهو مصيرٌ لا يَتَغيَّر قطّ ولا مفرّ منه أبداً؟.
__________________
(١). النور / ٣١.