٢. إنّ الشُّفعاء الذين يَستشفِعُ بهم الموحِّدون عبادٌ صالحون مخلصُون لله سبحانه يستجيب الله دعاءَهم لِمكانَتِهِم عنده وَلِقُربِ مَنزِلَتهِم منه سبحانه.
وبهذين الشرطين يفترقُ الموحِّدُون عن الوثنيّين في مسألة الاستشفاع افتراقاً أساسياً.
أوّلاً : انّ المشركين لا يرون لنفوذ شفاعتهم وتأثيرها أيَّ قيد أو شرط ، وكأنّ اللهَ فَوَّضَ أمرَ الشفاعة إلى تلك الأصنام العَمياء الصَّمّاء. في حين أنّ الموحّدين يعتبرون الشفاعة كلّها حقاً مختصاً بالله ، تبعاً لما جاء في القرآن الكريم ، ويُقيِّدون قبولَ شفاعة الشافعين وتأثيرها بإذن الله ورضاه وإجازته.
ثانياً : إنّ مشركي عصر الرسالة كانوا يَعتبرون أوثانهم وأصنامَهم ومعبوداتهم المختلفة أرباباً وآلهةً ، وكانوا يظنّونَ سفهاً أنّ لِهذهِ الموجودات الميّتة ، والجمادات سَهْماً في الرّبوبيّة ، والأُلُوهيّة ، بينما لا يرى الموحّدون ، الأنبياءَ والأئمةَ إلّا عباداً صالحين ، وهم يردّدُون في صلواتهم وتحياتهم دائماً عبارة : «عَبْدُه ورسوله» و «عباد الله الصالحين».
فانظرْ إلى الفرق الشاسِعِ ، والتفاوت الواسِع بين الرؤيتين والمنطِقَين.
بِناءً على هذا فإنّ الاستدلالَ بالآيات التي تَنفي وتندّدُ باستشفاعِ المشركين من الأصنام ، على نَفي أصل طلب الشفاعة في الإسلام ، استدلالٌ مرفُوضٌ وباطلٌ وهو من باب القياس مع الفارق.