الأصل الخَمْسُون : لا تنافي بين القضاء والقدر والاختيار
إنّ «القَضاء والقَدَر» في مجال أفعال الإنسان لا ينافيان اختياره ، وما يوصف به من حرّية الإرادة قط ، لأنَّ التقديرَ الإلهيَّ في مجال الإنسان هو فاعليّتُهُ الخاصّة وهو كونه فاعلاً مختاراً مريداً ، وأن يكون فعلُهُ وتركُهُ لأيّ عَمَلٍ تحت اختياره وبإرادته.
إنّ القضاء الإلهي في مجال فعلِ الإنسان هو حتميَّتُهُ وتحقُّقهُ القطعيُّ بعد اختيار الإنسان له بإرادته.
وبعبارةٍ أُخرى ؛ إنّ خلْقَةَ الإنْسان مجبولةٌ على الاختيار ، ومزيجةٌ بحرّية الإرادة ومقدّرة بذلك ، وإنّ القضاءَ الإلهيَّ ليس إلّا هذا ، وهو أنَّ الإنسان متى ما أوْجَدَ أسباب وقوعِ فِعْلٍ ما تمَّ التنفيذ الإلهيّ من هذا الطريق.
إنّ بعض الأَشخاص يَعتَبر كونه عاصياً ، ظاهرة ناشئةً من التقدير الإلهيّ ، ويتصوَّر أنّه لا يقدر على اختيار طريق آخر غير ما يسلكهُ ، في حين يَرفُضُ العقلُ والوحيُ هذا التصوّرَ لأنّ العقلَ يقضي بأنَّ الإنسانَ هو الّذي يختار بنفسِهِ مصيرَه وهو كذلك في نظر الشرع أيضاً ، أي إنّه حَسْب نظرِ الوَحْيِ يقْدِر انْ يكون إنساناً شاكِراً صالحاً ، أو كافراً طالِحاً.
(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (١).
__________________
(١). الإنسان / ٣.