رُبع الكرة الأرضية ، وعَرَفَتْ به جماعاتٌ بشريةٌ أُخرى اندفعَ المفكّرون إلى التدبّر في آيات هذا الكتاب العظيم ، ووقفوا مضافاً إلى فصاحَته وبلاغته ، وجمال اسلوبه ، وتعبيره ، على جوانب أُخرى من القرآنِ الكريم والتي يكون كلّ واحدة منها بصورة مستقلّة خيرَ شاهدٍ على انتمائه إلى العالم القدسيّ ، ونشأتهِ من المبدأ الأعلى للكون.
وهكذا تنكشف في كلّ عَصر جوانب غير متناهية لهذا الكتاب العظيم.
الأصلُ الثاني والسَّبعون : المجالات الأُخرى للإعجاز القرآني
لقد بَيّنّا في الأصلِ السابقِ إعجاز القرآن من الناحية الأدبية ، باختصار ، والآن نريد أن نستعرض المجالات الأُخرى للإعجاز القرآنيّ بصورة مختصرة.
إذا كان الإعجاز القرآنيُ من الناحية الأَدبية قابلاً للدرك والفهم عند طائفة خاصّة لها إلمامٌ كافٍ بالأدب العربي ، فإنّ الجوانبَ الأُخرى من الإعجاز القرآني ولحسن الحظ مفهومة لآخرين.
ألف : إنّ الآتي بالقرآن الكريم كان شخصاً أُميّاً لم يدرُس ، ولم يَتلقَّ تعليماً قبل النبوة ، فلا هو دخل مدرسة أو كَتّاباً ، ولا هو تلمَّذ على أحد ، أو قَرَأَ كتاباً كما قال : (ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (١).
__________________
(١). العنكبوت / ٤٨.