الأصلُ الثامنُ والستُّون : لا تنافي بين العصمة والاختيار
نَظَراً لمَنشأ العصمة نُذَكّر بأنّ العصمة لا تنافي اختيار المعصوم ، وكونه حرّاً في إرادته ، بل إنّ الشخصَ المعصومَ مع مَعرفته الكاملة بالله ، وبآثار الطاعة والمعصية ونتائجهما ، يمكنه أنّ يرتكب المعصية وإنْ لم يستخدم هذه القدرة ، مثل الوالد الحنون الذي يقدر على قتل ابنه ، ولكنّه لا يفعل ذلك أبَداً.
وأوضحُ من ذلك هو عدمُ صدور القبيح من الله تعالى ، فإنَّ الله القادرَ المطلَق يمكنه أن يُدخلَ الصالحين المطيعين في جهنم ، أو يُدخِل العاصِين في الجنة ، إلّا أنّ عدلَه وحكمته يمنعان من القيام بمثل هذا العمل.
ومِن هذا البيان يتضح أَنَّ تركَ المعصية والتزام الطاعة ، والعبادة ، يُعتبران مفخرة كبرى للأنبياء ، لأنّهم مع كونهم قادرين على ترك الطاعة ، وفعل المعصية ، لا يفعلون ذلك اختياراً ، وبإرادةٍ منهم.
الأصلُ التاسعُ والستُّون : العصمة لا تلازم النبوّة
نحن مع اعتقادنا بعصمة جميع الأنبياء لا نرى أنّ العصمة تلازم النبوّة ، أي أنّنا لا نرى أنّ كل معصومٍ هو نبيٌّ بالضرورةِ ، وإنْ كان كلّ نبيٍّ معصوماً بالضرورة ، فربّ إنسان معصومٌ ولكنّه ليس بِنبيّ ، فها هو القرآنُ الكريم يقول حول السيدة مريم : («يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ