خالدةً ، وقادت المجتمع البشريّ في عصرِهِ وأيام حياته ، من المسلَّم أنّه فَكَّر لحفظ شريعته من الأخطار والآفات المحتملة التي تهدِّدها في المستقبل ، وكذا لهداية أُمّته الخالدة ، وإدارتها ، وبيّن صيغة القيادة من بعده ، وذلك لأنّه من غير المعقول أن يؤسّس هذا النبيُ الحكيمُ قواعدَ شريعةٍ خالدةٍ أبديّةٍ ، دون أنْ يطرح صيغة قويّة لقيادتها من بعده ، يضمن بها بقاء تلك الشريعة.
إنَّ النبيَّ الَّذي لم يألُ جُهداً في بيان أَصغر ما تحتاج إليه سعادةُ البشرية ، كيفَ يُعقَل أنْ يسكتَ في مجال قيادة المجتمع الإسلامي وصيغتها ، وكيفيتها ، والحال أنها من المسائل الجوهريّة ، والمصيريّة ، في حياة الأُمّة ، بل وفي حياة البشريّة ، وفي الحقيقة يترك المجتمع الإسلاميَّ حيارى مهمَلين ، لا يَعرِفون واجبهم في هذا الصعيد؟!
وعلى هذا الأساس لا يمكن مطلقاً القبولُ بالزَّعم القائل بأنَّ النبيّ الأكرم أغمض عينيه عن الحياة دون ان ينبس ببنت شفة في مجال قيادة الأُمّة.
الأصلُ الخامسُ والثمانون : الإمامة والخطر الثلاثي المشئوم : الروم والفرس والمنافقون
إنّ مراجعةَ التاريخ ، وأخذِ الظروف التي كانت تحيط بالمنطقة ، وبالعالم في زمان رحيل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقُبَيل وفاتهِ بالذات بنظر الاعتبار تثبت ـ بِوُضوح بداهة وضرورةَ «تنْصيصيَّة» منصب الامامة وذلك لأنّ أخطاراً ثلاثة كانت تهدّد الدينَ والكيانَ الإسلاميَّ ، وتحيط به على شكلِ