ب ـ وتقابل تلك النظرية ، نظريةٌ اخرى وهي أنّ العقلَ البشريّ عاجز عن إدراك الحُسن والقُبح في الأفعال حتى في صورتها الكليّة ، وتحصر الطريق لمعرفة الحسن والقبح في الوحي الإِلهيّ ، فما أمرَ به اللهُ فهو حَسَنٌ وما نهى عنه فهو قبيحٌ.
وعلى هذا الأَساس فلو أمَرَ اللهُ بإلقاءِ إنسان بَريء في النار ، أو إدخال عاصٍ في الجنة كان ذلك عينَ الحسن والعدل.
وقول هذا الفريق هو : إنّ وصف الله بالعدل ليس إلّا لكون هذا الوصف جاء في القرآن الكريم ليس إلّا.
الأصلُ الخامسُ والأربعون : إدراك العقل للحسن والقبح
حيث إنّ مسألة الحُسن والقُبح العقليّين تُمَثّلُ الأساسَ والقاعدة للكثير من عقائد الشيعة الإمامية ، لذلك نشير فيما يأتي إلى دليلَين من أدلّتها العديدة :
ألف : إنّ كلَّ إنسان ـ مهما كان دينه ومسلكه ، وأينما حلّ من بقاع الأرض ـ يدرك بنفسه حُسنَ العدل ، وقبح الظلم ، وكذلك يدرك حُسنَ الوفاءِ بالعهد ، وقبحَ نقضه ، وحسنَ مقابلة «الإحسان بالإحسان» وقبح مقابلةِ «الإحسان بالإساءة».
ودراسةُ التاريخ البشريّ تشهدُ بهذه الحقيقة وتؤكّدُها ، ولم يُرَ حتى اليوم إنسانٌ عاقلٌ ينكرها قط.