والاعتقاد بكونه عادلاً.
إلّا أنّهم اختلفوا في تفسير العدل الإلهي واختارَ كلّ فريقٍ إحدى النظريّتين التاليتين :
ألف : إنّ العقلَ البشريّ السليمَ يدرك بنفسه حسنَ الأفعال وقبحها ، ويعتبر الفعلَ الحَسَن علامةً لكمال فاعله ، والفعلَ القبيحَ علامةً لنقصان فاعله.
وحيث إنّ الله مستجمعٌ بذاته لجميع صفات الكمال ، لهذا فَإنّ فعلَه كاملٌ ومحمودٌ ، وذاته المقدّسة منزّهةٌ عن كل فعلٍ قبيحٍ.
هذا ويجدُر التذكيرُ بنقطة هامّةٍ هنا ، وهي أنّ العقلَ لا يحكم على الله بشيءٍ ، ولا يقول : يجب على الله أن يكون عادلاً ، بل كلّ ما يفعلهُ العقلُ هنا هو أن يكتشفَ واقعيّةَ الفعلِ الإلهيّ ، يعني أنّه بالنَظَرِ إلى كمالِ اللهِ المطلَقِ ، وتنزُّهِهِ سبحانه عن كلّ نقصٍ وعيبٍ ، يكتشف أنّ فِعلَه كذلك في غاية الكمال ، وأنّه منزَّه أيضاً عن النقص ، فهو بالتالي سيعامل عباده بالعدل ، ولا يظلم أحداً منهم أبداً.
وما ذكَرَتهُ الآياتُ القرآنيّة في هذا المجال إنّما هو في الحقيقة تأكيدٌ وتأييدٌ لما أدركه الإنسان من طريق العقل.
وهذا هو ما اصَطُلِحَ عليه في علم الكلام الإِسلاميّ بمسألة الحُسن والقُبح العقليّين ، ويُسمّى القائلون بهذه النظرية بالعَدليّة ، ويقف في طليعتهم الشيعةُ الإماميّةُ الاثنا عشرية.