وحيثُ إنّ عِلمَ الحديث كانَ دائماً موضعَ اهتمام الشيعة ، لذلك أُلّفَت في القرنِ الحادي عشر ، والثاني عشر مجاميعُ حديثية أُخرى نترك ذكر أسمائها لعلّة الاختصار.
إلّا أنّ أكثر هذه المجاميع شهرة هو «بحار الأنوار» للعلامة محمد باقر المجلسي ، ووسائل الشيعة لمحمد بن الحسن الحرّ العاملي.
هذا ومن البديهيّ أنّ الشيعة لا تعمل بكل حديث ، ولا تعمل بأخبار الآحاد ، في العقائد ، أو التي تخالف في مضمونها القرآنَ أو السّنة القطعيّة ، وليست بحجّة عندهم ، على أنّ مجرّد وجود الرواية في كتب الحديث عندهم لا يَدلُّ على اعتقاد المؤلّف بمفاده ، بل الأحاديث تتنوَّع عند هذه الطائفة إلى صحيح وحَسَن ، وموثَّق ، وضعيف ، ولكلِّ واحدٍ من هذه الأنواع أحكامٌ خاصّة ، ودرجةٌ خاصّة من الاعتبار ، وقد جاء بيان ذلك على وجه التفصيل في علم الدراية.
الأصلُ التاسع والثلاثون بعد المائة : الاجتهاد
أشرنا فيما سبق إلى مصادر الفقه الشيعيّ الإماميّ (وهي عبارة عن الأدِلّة الأربعة : الكتاب والسُّنة والعقل والإجماع) ، وتسمّى عمليّة استنباط الأحكام الشرعيّة من هذه الأدلّة بشروطٍ خاصّة مذكورة في عِلم الأُصولِ ب «الاجتهاد».
إنّ الشريعة الإسلاميّة حيث إنَّها شريعةٌ سماويّةٌ ، ولا شريعة بعدَها قَط ، وَجَبَ أن تلبّي كلَّ الحاجات البشرية في مختلف مجالات حياتها