الفرديّة والاجتماعية.
ومن جانِبٍ آخَر حيث إنَّ الحوادث والوقائع لا تنحصر فيما كان في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فالتَطوُّرات المتلاحقة في الحياة تطرح احتياجات وحالات جديدة ، تحتاج كل واحدة منها طبعاً إلى حكم شرعي خاصّ.
وبالنظر إلى هذين المطلبين يكون فتح باب الاجتهاد في وجه الفقهاء على طول التاريخ أمراً ضروريّاً ، إذ هل يمكن أن يكون الإسلام الذي هو شريعة إلهية كاملة ودين جامع أن يسكتَ في الحوادثِ الجَديدة الظهور ، وأن يترك البشرية حائرة في منعطفات التاريخ والحياة ، أمام سيل الحوادث الجديدة.
كُلُّنا نَعلم بأنّ علماءَ «الأُصول» قَسَّموا «الاجتهاد» إلى قسمين «الاجتهاد المطلَق» و «الاجتهاد في مَذهَبٍ خاصٍّ».
فإذا اجتهد شخصٌ في مسلك أبي حنيفة الفقهيّ ، وسعى إلى أن يحصل على رأيه في مسألة ما ، سُمِّيَ عَمَلُه ب «الاجتهاد في المذهب».
وأمّا إذا لم يقيّدِ المجتهدُ نَفسَه بمذهبٍ معيّن وخاصّ في المذهب وسعى إلى أن يَفهَمَ الحكمَ الإلهيَّ من الأدلّة الشرعيّة (سواءً وافق مذهباً ومَسلَكاً معيَّناً أو خالفه) دُعيَ ذلك بالاجتهادِ المطلق.
ولقد أُغلق بابُ الاجتهاد المطلق ـ وللأسف ـ في وجه علماء أهل السُّنّة (١) ، وانحصر اجتهادُهم في إطار المذاهب الأربعة خاصّة ، وهو لا شك
__________________
(١). المقريزي : الخطط : ٢ / ٣٤٤.