نوعٌ من تقييد عمليّة الاجتهاد ، وتضييق لدائرته.
إنّ فقهاء الشيعة اجتهدوا على أساس الكتاب والسّنة والعقل والإجماع ، وسعَوا إلى أن لا يتقيّدوا لإدراك الحقائق والمعارف الدينية بشيء ، الّا اتّباع الأدلّة الشرعيّة.
ومن هنا انتج اجتهادُهم الحيّ المتحرّك فِقهاً جامعاً ، منسجماً مع الاحتياجات البشريّة المختلفة ، المتنوعة ، المتطوّرة باستمرار ، وخلّف كنزاً علمياً عظيماً.
إنّ ما ساعد على إثراء هذا الفقه العميق المتحرّك هو المنع من تقليد الميّت ، والحكم بتقليد المجتهد الحيّ ، الذي يعرف بالمجتمع وبالزمان واحتياجاتهما ، ومستجداتهما.
إنّ الفقه الشيعيّ يوافق في أكثر المسائل نظريات الفقهاء من المذاهب الأُخرى ، وإنّ مطالعة كتابِ «الخلاف» للشيخ الطوسيّ شاهدُ صدقٍ على ذلك ، فقلّما توجَد مسألةٌ فرعيّة في الفقه الشيعيّ لا توافِق رأيَ أحد مؤسسي المذاهِبِ الأربعة ، أو من سَبَقهم من الفقهاء ، ومع ذلك فثمّة مسائل للفقه الشيعي فيها رأيٌ خاصٌ ، نشير إلى بعضها ضِمن عدّة أُصول تالية ، وسنَذكرها مع أدلّتها ، لأنّه قد يُتَصَوَّر أنّ هذه الفروع الخاصّة لا يدل عليها شيءٌ أو هي تخالف الكتاب والسُّنّة ، والحال أنّ الأمر على عكس ذلك.